شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٣ - الصفحة ١٥٩
أيضا طبيعة امتدادية عظيمة تملأ جميعها، بل بمعنى الحضور والعلم والإحاطة فإن علمه محيط بجميع الأشياء وهي حاضرة عند ذاته تعالى وتقدس فكما أن المكاني حاضر عنده كذلك المكان حاضر عنده لأن المكان أيضا شيء غير محجوب عنه.
(وليس في شيء من المكان المحدود) أي المعين بأن يقال مثلا هو في السماء أو في الأرض أو في غيرهما لأن ذلك يوجب احتياجه إلى المكان وخلو بعض الأمكنة عنه وجواز انتقاله عنه بالطبع أو بالقسر واتصافه بصفات الجسم، وكل ذلك محال، وأشار بهذا الكلام إلى أن المراد بقوله في كل مكان هو إحاطة علمه به كما أشرنا إليه ولما علم السائل أن الرب ليس له مكان (قال: وكيف هو؟) سأل عن كيفيته لالف نفسه وتعلق وهمه بالموجودات التي لا تخلو عن الكيفيات فتوهم أن الموجود المطلق الذي هو مبدأ تلك الموجودات حكمه حكمها، أو سأل عنها على سبيل الاختبار مع علمه بأنه لا كيفية للرب.
(قال: وكيف أصف ربي بالكيف والكيف مخلوق والله لا يوصف بخلقه) أشار إلى أن السؤال عن كيفيته سؤال عن أمر محال لأن الكيف مخلوق والمخلوق ناقص من جهات شتى فالله المنزه عن النقايص لا يوصف به لاستحالة اتصافه بالنقص ولأن الكيف إن كان من صفات كماله كان عدم اتصافه به في مرتبة العلية محالا لأن كل كماله بالفعل وليس له كمال منتظر، وإن لم يكن من صفات كماله كان اتصافه به محالا، ولما علم السائل أن له ربا منزها عن الأين والكيف بل عن صفات الخلق كلها كما يرشد إليه الجواب عن الكيف (قال: فمن أين يعلم) غايب مجهول أو متكلم مع الغير.
(أنك نبي الله؟) سأل عن الآيات والمعجزات الدالة على صدقه في دعوى النبوة لعلمه بأن النبوة رئاسة عظيمة مطلوبة لكل أحد لا تثبت إلا بتصديق الرب تبارك وتعالى والعجب أن اليهودي كان يعلم ذلك وجماعة من هذه الامة لا يعلمون أن الإمامة التي هي أيضا رئاسة عظيمة مثل النبوة لا تثبت إلا بتصديق الرب حتى فعلوا ما فعلوا أخزاهم الله في الدنيا والآخرة.
(قال: فما بقي حوله) أي حول النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أو حول سبحت (حجر ولا غير ذلك إلا تكلم بلسان
(١٥٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 154 155 156 157 158 159 160 161 162 163 164 ... » »»
الفهرست