شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٣ - الصفحة ١١٩
(ولا كيف محدود) الظاهر أنه أراد بالكيف المعنى المعروف والنفي راجع إليه لوجوب تنزيه الخالق عن الكيفيات التي هي من خواص خلقه، وإنما وصفه بما هو من لوازمه أعني المحدودية بالنهاية أو الحد الحقيقي أو توارد الأفراد على سبيل التعاقب للإشعار بأن هذا الوصف في الحقيقة علة لوجوب تنزيه الحق عن الموصوف به لبراءته عن الحد والنهاية وقبول توارد أفراد الكيف عليه، ويحتمل أن يراد بالكيف المعنى الأعم الشامل لمطلق الصفات والنفي حينئذ راجع إلى المجموع باعتبار القيد فيكون فيه إشارة إلى أن له كيفا غير محدود. أعني الصفات اللايقة بذاته تعالى وأن إطلاق الكيف عليه على سبيل التجوز وقد أشار إليه أبو عبد الله (عليه السلام) في باب إطلاق القول بأنه شيء بقوله «ولكن لا بد من إثبات أن له كيفية لا يستحقها غيره ولا يشارك فيها ولا يحاط بها ولا يعلمها غيره».
(ولا أين موقوف عليه) (1) ضمير المجرور إما راجع إليه سبحانه ومعنى وقوف الأين عليه إحاطته به أو راجع إلى الأين ومعنى وقوفه على الأين استقراره فيه وذلك لاستلزامه أن يكون تعالى شأنه محتويا بالحواية ومتحيزا بحيز ومستقرا في جهة وكل ذلك محال بالضرورة.
(ولا مكان جاور شيئا) ضمير «جاور» إما راجع إلى المكان والوصف للكشف والإيضاح أو راجع إلى الله سبحانه بحذف العايد، وذلك لأن كونه حالا في المكان ومجاورا فيه لشيء تابع للجسمية ومستلزم للنقصان اللازم للإمكان فليس سبحانه في الأين والمكان بمعنى الوقوف عليهما والحلول فيهما وهو في كل أين ومكان بمعنى العلم والإحاطة وهذا تأكيد للسابق، ويمكن الفرق بينهما بأن المقصود هنا نفي أن يكون في مكان وفي السابق أنه لا يجوز أن يسأل عنه بأين، ويقال: أين هو، قال الجوهري: أين سؤال عن مكان إذا قلت أين زيد فانما تسأل عن مكانه.
أو باعتبار الوصف فإن المقصود هنا نفي أن يكون مجاورا لشيء دون شيء باعتبار كونه في مكان قريب من الشيء الأول والمقصود في السابق نفي أن يكون واقفا على المكان حالا فيه والله أعلم.
(بل حي يعرف) الفعل إما على البناء للفاعل أي يعرف الأشياء والأمكنة وما فيها قبل إيجادها وبعده، وللإضراب حينئذ وجه ظاهر كأنه قال: وليس له مكان بمعنى الحلول فيه بل هو حي في جميع الأمكنة بالمعرفة والإحاطة بها، أو على البناء للمفعول يعني بل هو معروف في جميع الأمكنة أو معروف عند اولي الألباب بتعقل صرف بريء عن علايق المواد، مجرد عن إدراك

1 - «قوله ولا أين موقوف» المكان في العرف هو ما يعتمد عليه الشيء ويقف ويستقر عليه. (ش)
(١١٩)
مفاتيح البحث: أبو عبد الله (1)، الجواز (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 114 115 116 117 118 119 120 121 122 123 124 ... » »»
الفهرست