شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٣ - الصفحة ١٢٤
ولهذه الآية تأويل آخر (1) ذكره الصدوق في أول كتاب الاعتقادات حيث قال: ومعنى الوجه في هذه الآية الدين (2) والوجه الذي يؤتى الله منه ويتوجه به إليه، وهذا الذي ذكره (رحمه الله) نقله المصنف في باب النوادر عن أبي عبد الله (عليه السلام).
(له الخلق والأمر) أي له إيجاد الأشياء لا يشاركه أحد وله الأمر النافذ الذي لا يتأبى منه شيء والمشهور أن الأول إشارة إلى عالم الخلق وهو عالم الجسم والجسمانيات والثاني إشارة إل عالم الأمر وهو عالم الروح والروحانيات، ولا يبعد أن يراد بالأول خلق الممكنات مطلقا وبالثاني وضع

١ - قوله «وفي هذه الآية تأويل آخر» قال العلامة (رحمه الله) في شرح التجريد: المحققون على امتناع إعادة المعدوم وسيأتي البرهان على وجوب المعاد وههنا قد بين أن الله تعالى يعدم العالم وذلك ظاهر المناقضة - إلى أن قال -: فقد تأول المصنف معنى الإعدام بتفريق أجزائه ولا امتناع في ذلك فإن المكلف بعد تفريق أجزائه يصدق عليه أنه هالك بمعنى أنه غير منتفع به أو يقال أنه هالك بالنظر إلى ذاته إذ هو ممكن ومتن التجريد هكذا المسألة الثالثة في وقوع العدم وكيفيته والسمع دل عليه ويتأول في المكلف بالتفريق كما في قصة إبراهيم (عليه السلام).
والمجلسي (رحمه الله) بعد أن نقل القولين في أن الفناء هل هو بمعنى الإعدام المطلق أو تفريق الأجزاء قال: والحق أنه لا يمكن الجزم في تلك المسألة بأحد الجانبين لتعارض الظواهر فيها، قال: وأكثر متكلمي الإمامية على عدم الانعدام بالكلية لا سيما في الأجساد انتهى.
وإنما لم يجزم المجلسي (رحمه الله) تعالى كما جزم العلامة والطوسي رحمها الله لأن إعادة المعدوم ممتنعة عندهما فالتزما بأنه لا يعدم المكلف حتى لا يكون المعاد محالا وغير ممتنعة عند المجلسي (رحمه الله) قال في البحار: وقد نفاه أي المعاد أكثر ملاحدة الفلاسفة تمسكا بامتناع إعادة المعدوم ولم يقيموا دليلا عليه بل تمسكوا تارة بادعاء البداهة وأخرى بشبهات واهية لا يخفى ضعفها على من نظر فيها بعين البصيرة واليقين وترك تقليد الملحدين من المتفلسفين انتهى. واعتقادي أن صاحب التجريد وشارحه نظرا بعين البصيرة ولم يقلدا الملحدين وسوء الظن بهما غير صحيح. (ش) 2 - قوله «ومعنى الوجه في هذه الآية الدين» والوجه مذكور في آيات كثيرة كقوله تعالى (أينما تولوا فثم وجه الله) (ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام) ولا يناسب حمل جميعها على الدين أو على الإمام ولا يصح حمله على المعنى الجسماني وهو ظاهر، وليس مراد من حمله على الذات الذات بغير اعتبار صفة كما أن اليد والعين يراد بهما الذات باعتبار صفة القدرة أو العلم كذلك هنا يراد بالوجه الذات باعتبار صفة ولا بد أن يكون الصفة عنايته وإضافته الإشراقية وقيوميته لوجود الممكنات والفناء لا يتصور في وجهه لأن ما يفنى إنما يفنى بعدم علته والعلة الفاعلية هو واجب الوجود لا يتطرق إليه العدم وكذلك الغاية المطلقة فما يفنى ليس فناؤه لعدم علته الفاعلية والغائية البتة بل إما العدم استعداد العلة المادية كفناء النفس النباتية بزوال استعداد مزاجها أو لزوال العلة الصورية بطريان الضد كزوال البياض بعروض السواد وأما الفناء الذي يقول به العرفاء فهو مقتضى طبع كل موجود يسير إلى الله تعالى وهو غاية الغايات وهو خارج عن محل الكلام ولعل جميع مجردات عالم الغيب وجه الله الباقي ومنه النفوس الناطقة الإنسانية لبقائها بعد فناء الجسد. (ش)
(١٢٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 119 120 121 122 123 124 125 126 127 128 129 ... » »»
الفهرست