فقال له: ثكلتك امك ومتى لم يكن؟ حتى يقال: متى كان، كان ربي قبل القبل بلا قبل، وبعد البعد بلا بعد، ولا غاية ولا منتهى لغايته، انقطعت الغايات عنده فهو منتهى كل غاية، فقال: يا أمير المؤمنين أفنبي أنت؟ فقال: ويلك إنما أنا عبد من عبيد محمد (صلى الله عليه وآله وسلم).
وروي أنه سئل (عليه السلام): أين كان ربنا قبل أن يخلق سماء وأرضا؟ فقال (عليه السلام): أين سؤال عن مكان، وكان الله ولا مكان.
* الشرح:
(وبهذا الإسناد) ليس لهذا مرجع ظاهر، كأنه أراد بهذا الإسناد عن أحمد بن محمد بن خالد (عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن أبي الحسن الموصلي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: جاء حبر من الأحبار) الحبر بالكسر أو الفتح عالم من علماء اليهود والكسر أفصح لأنه يجمع على الأفعال دون الفعول وهو الراجح عند القراء وتوقف الأصمعي في الترجيح، وقال أبو عبيدة: والذي عندي أنه الحبر بالفتح ومعناه العالم بتحبير الكلام والعلم وتحسينه ويرويه المحدثون كلهم بالفتح.
(إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) فقال يا أمير المؤمنين) خاطبه بذلك على الرسم والعادة وإلا فاليهود لا يعتقدون بإيمان هذه الأمة. (متى كان ربك؟ فقال له: ثكلتك أمك) ثكلت المرأة ولدها مات منها ثكلا وثكلا كذا في المغرب والدعاء بذلك شايع عند العرب وإن لم تكن الأم موجودة.
(ومتى لم يكن حتى يقال متى كان) يمكن إرجاعه إلى قياس استثنائي تقريره لو صح السؤال عنه بمتى كان صح السؤال عنه بمتى لم يكن، والتالي باطل فالمقدم مثله، أما بيان الشرطية فلأن متى كان سؤال عن أول وجوده وكلما كان شيئا حادثا في وقت كان عدمه سابقا عليه فكما صح أن يقال: متى كان صح أن يقال: متى لم يكن، وأما بطلان اللازم فلأن وجوده قديم أزلي ليس مسبوقا بالعدم فلا يصح أن يقال: متى لم يكن.
(كان ربي قبل القبل بلا قبل) قد مر شرحه (1) (ولا بعد البعد بلا بعد) يعرف بالمقايسة وقد أكد كل واحد من القبلية والبعدية بكمالها فكان قبليته سلب قبلية شيء عنه وكمال بعديته سلب بعدية