شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٣ - الصفحة ١١٧
أفعال الأحياء على وجه الكمال.
(وملكا قادرا قبل أن ينشئ شيئا) أما أنه ملك فلما عرفت أنه لا يكون خاليا من الملك قبل إنشائه. وأما أنه قادر فلأن القادر هو الذي إن شاء فعل وإن شاء لم يفعل، وهو الله سبحانه كذلك لأن فعله مترتب على إرادته ومشيته إذا أراد شيئا يقول له كن فيكون.
(وملكا جبارا بعد إنشائه للكون) في تعلق الإنشاء بالكون إشارة إلى الجعل البسيط بإفاضة الوجودات وفي صحة تعلق الجعل بالمهيات كلام طويل مذكور في موضعه والجبار من أسمائه تعالى مبالغة من الجبر لأنه يجبر مفاقر الخلق ويكفيهم أسباب الرزق ويصلح نقائص حقايق الممكنات بإعطاء الوجود وما يتبعه من الخيرات والكمالات أو لأنه يجبر طبايع الموجودات على لوازمها وآثارها التي ليست في وسعها وقدرتها أو لأنه يجبر الممكنات على الطاعة والانقياد (ولله يسجد ما في السماوات والأرض طوعا وكرها وظلالهم بالغدو والآصال) أو لأنه يقهر الأشياء في الإيجاد ويوجدها كيف يشاء والله خالق كل شيء وهو الواجد القهار أو لأنه لا يناله لعلوه أيدي المتفكرين من قولهم للنخل الطويل العالي: جبار، لبعده عن تناول اليد، أو لأنه يكسر أعناق الجبابرة ويقمع شوكة القياصرة بالنوايب والمصايب.
(فليس لكونه كيف ولا له أين) إذ الكيف والأين خلقان من خلقه فلو كان لكونه كيف وأين لكان هو محتاجا إلى خلقه في ملكه وقدرته وإنه ينافي كونه ملكا قادرا جبارا على الإطلاق قبل الإنشاء وبعده.
(ولا له حد) عرفني لأنه لا أجزاء له، والحد العرفي إنما يتألف من أجزاء الحقيقة ولا لغوي وهو النهايات المحيطة بالجسم والجسمانيات مثلا، فيقف عندها لأن ذلك من لواحق الكم وتوابعه، والواجب بالذات ليس بكم ولا محل، فامتنع أن يوصف بالنهاية.
(ولا يعرف بشيء يشبهه) هذا في اللفظ خبر وفي المعنى نهي عن تشبيهه بخلقه وأدعاء معرفته بذلك، ردا على الفرق المجسمة والمصورة تعالى الله عما يقول الظالمون.
(ولا يهرم لطول البقاء) الهرم بالتحريك كبر السن، وقد هرم الرجل من باب لبس وأهرمه الله فهو هرم، ووجه ذلك أن الهرم إنما يحصل بتغير المزاج وانفعاله وانكسار القوى وضعفها لطول الزمان وتوارد نوائبه وتواتر مصائبه والله سبحانه سرمدي لازماني، وليس له مزاج ولا يعرض له انفعال وانكسار وضعف.
(ولا يصعق لشيء) أي لا يفزع أو لا يموت أو لا يغشى عليه للخوف من شيء لأنه تعالى فوق كل شيء قاهر عليه يقدر على إعدامه طرفة بل أقل من ذلك فكيف يصعق خوفا منه ولأن الصعق
(١١٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 112 113 114 115 116 117 118 119 120 121 122 ... » »»
الفهرست