تابع للانفعال وهو سبحانه منزه عنه.
(بل لخوفه تصعق الأشياء كلها) نواطقها وصوامتها وبناتاتها وجماداتها ومجسماتها ومجرداتها وهذا مما لا شبهه فيه فإن من رفع حجاب الغفلة بينه وبين ربه ونظر إلى كمال كبريائه وعظمته وقدرته وقهاريته وغنائه من الخلق، ثم نظر إلى حال نفسه وغاية فقره وفاقته وعجزه وشدة احتياجه إليه سبحانه ونظر إلى ما يأتي عليه في القبر والحشر من أحوال البرزخ وأحوال القيمة وهو لا يدري أمن أهل الكرامة والثواب أو من أهل الخذلان والعقاب لصار مغشيا عليه من الخوف أو مات فجأة.
ولكن قساوة القلوب في الأكثر جعلتها فارغة من الخوف بل صيرتها أشد من الحجارة كما قال سبحانه: (ثم قست قلوبكم من بعد ذلك فهي كالحجارة أو أشد قسوة وإن من الحجارة لما يتفجر منه الأنهار وإن منها لما يشقق فيخرج منه الماء وإن منها لما يهبط من خشية الله وما الله بغافل عما تعلمون).
(كان حيا بلا حياة حادثة) أي مسبوقة بالعدم لأن حياته لو كانت حادثة لكان تعالى شأنه قبل حدوثها غير حي وكان محتاجا في حدوثها إلى غيره ضرورة أن الشيء لا يقدر على إيجاد حياة نفسه وكان قابلا للتغير ومحلا للحوادث واللوازم كلها باطلة بالعقل والنقل، والفرق بين هذا الكلام وبين ما سبق أنه نفي بهذا الكلام أن يكون له حياة حادثة ونفي بما سبق أن يكون له حياة قديمة زايدة على ذاته.
(ولا كون موصوف) (1) النفي راجع إلى القيد والمراد أنه ليس له وجود موصوف بكونه زايدا عليه لأن وجوده عين ذاته أو بكونه في زمان أو مكان لأن وجوده منزه عنهما أو المراد أنه ليس له وجود موصوف محدود بحد حقيقي يخبر عن ذاتياته أو بحد ونهاية إذ ليس لوجوده أجزاء ولا حد ولا نهاية، وبالجملة وجوده لا يتصف بصفة أصلا كما لا يتصف ذاته بها إذ كل صفة مغايرة للموصوف لأن قيام الصفة بالموصوف وقيام الموصوف بذاته لا بالصفة وإذا كان بين الصفة والموصوف مغايرة فلو اتصف وجوده بصفة لزم التكثر والاحتياج المنزه عنهما عالم القدس وجلال الحق.