جبارا بعد إنشائه للكون، فليس لكونه كيف ولا له أين ولا له حد ولا يعرف بشيء يشبهه ولا يهرم لطول البقاء ولا يصعق لشيء بل لخوفه تصعق الأشياء كلها، كان حيا بلا حياة حادثة ولا كون موصوف ولا كيف محدود ولا أين موقوف عليه ولا مكان جاور شيئا بل حي يعرف وملك لم يزل له القدرة والملك أنشأ ما شاء حين شاء بمشيئته، ولا يحد ولا يبعض ولا يفنى، كان أولا بلا كيف ويكون آخرا بلا أين وكل شيء هالك إلا وجهه، له الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين، ويلك أيها السائل إن ربي لا تغشاه الأوهام ولا تنزل به الشبهات ولا يحار [من شيء] ولا يجاوره شيء (1) ولا تنزل به الأحداث ولا يسأل عن شيء ولا يندم على شيء ولا تأخذه سنة ولا نوم له ما في السماوات وما في الأرض وما بينهما وما تحت الثرى.
* الشرح:
(محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن القاسم بن محمد، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير قال: جاء رجل إلى أبي جعفر (عليه السلام) فقال له أخبرني عن ربك متى كان) سأل عن أول زمان وجوده (فقال ويلك) الويل كلمة تقال لمن وقع في مهلكة.
وقيل: هو واد في جهنم لو أرسلت فيه الجبال لذابت من حره (إنما يقال لشيء لم يكن متى كان) ضرورة أن حدوث الشيء مسبوق بعدمه (إن ربي تبارك وتعالى كان) في الأزل بلا ابتداء فلا يجوز أن يقال في حقه متى كان (ولم يزل حيا) عطف على كان أو حال عن اسمه، والحياة قيل: هي صفة توجب صحة العلم والقدرة وقيل هي كون الشيء بحيث يصح أن يعلم ويقدر، وقال قطب المحققين في درة التاج هي عبارة عن إدراك الأشياء وهو تعالى شأنه لما كان عالما بذاته وبمعلولاته كما هي على الوجه الأتم الأبلغ كان حيا وليست حياته أمرا زايدا على ذاته قايما بها بل هي عين ذاته كالعلم وساير صفاته، وقال صاحب العدة الحي هو الفعال المدرك وهو حي (2) بنفسه