شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ١ - الصفحة ٢٨٧
متين وأمر يقين وحصل له بعض الخصال المرضية والأنوار العقلية أمكن له تكميل ذاته بسائر الخصال النورانية والعروج إلى أعلى مدارج الكمال بجذبة من الجذبات الربانية وتنقيته بهمة صادقة ونية خالصة وقدم ثابتة من جنود العقل وأعوانه وذلك بأن يكون متيقظا في جميع الأوقات ومراعيا لحاله في جميع الحالات ويختار من الأعمال والعقائد والصفات ما هو في الشرع أحكم وأتقن، وعند العقل أفضل وأحسن فينظر مثلا إلى الصلة والسخاء ومنافعهما وإلى القطيعة والبخل ومضارهما ويختار الأولين على الأخيرين وكذا دائما (فعند ذلك يكون في الدرجة العليا مع الأنبياء والأوصياء) وحسن أولئك رفيقا وإنما لم يذكر المؤمن الممتحن إما للاقتصار أو للإشارة إلى أن هذا المستكمل هو ذلك المؤمن (وإنما يدرك ذلك) أي الاستكمال بجميع تلك الخصال أو الكون في الدرجة العليا مع الأنبياء والأوصياء والأول أولى لفظا ومعنى (بمعرفة العقل وجنوده ومجانبة الجهل وجنوده) وجه الحصر ظاهر لأن العمل بشئ متوقف على العلم به، ولأن التمييز بين الحق والباطل متوقف على العلم بكون هذا حقا وذاك باطلا، وإنما لم يقل وبمعرفة الجهل وجنوده كما قال في الأول لأمرين أحدهما أنه إذا حصلت معرفة العقل وجنوده حصلت معرفة الجهل وجنوده بالمقابلة لأن كل ما ليس عقلا وجنوده فهو جهل وجنوده في حالات الإنسان، وثانيهما أن المقصود الاهم هو مجانبة الجهل وجنوده لأنه الغالب في الأكثر والموافق للنفوس البشرية (وفقنا الله وإياكم لطاعته ومرضاته) الرضوان بالضم والكسر والرضى والمرضاة بمعنى واحد وهذا من كلام الصادق (عليه السلام) ودعاء لنفسه ولمن كان حاضرا عنده من مواليه، ولمن غاب عنه ولمن يوجد إلى يوم القيامة من باب تغليب الحاضر على الغائب، وفيه تنبيه على أنه لا بد لطالب الخير من الالتجاء إليه سبحانه وطلب التوفيق منه إذ بيده الخير وهو على كل شئ قدير ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
* الأصل:
15 - «جماعة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن علي ابن فضال، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: ما كلم رسول الله (صلى الله عليه وآله) العباد بكنه عقله قط، وقال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إنا معاشر الأنبياء امرنا أن نكلم الناس على قدر عقولهم».
* الشرح:
(جماعة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسن بن علي بن فضال عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: ما كلم رسول الله (صلى الله عليه وآله) العباد بكنه عقله قط) كنه الشئ نهايته يقال «أعرفه كنه المعرفة أي نهايتها ولا يشتق منه فعل وقولهم لا يكتنهه الوصف بمعنى لا يبلغ كنهه كلام مولد وقد يكون كنه الشئ حقيقته التي هو بها هو، وفيه إشارة إلى كمال عقله (صلى الله عليه وآله) فإنه نور رباني لا
(٢٨٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 282 283 284 285 286 287 288 289 290 291 292 ... » »»
الفهرست