شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ١ - الصفحة ٢٩٢
(علي بن أبي هاشم الجعفري) اسمه داود بن القاسم بن إسحاق بن عبد الله ابن جعفر بن أبي طالب ثقة جليل القدر عظيم المنزلة عند الأئمة (عليهم السلام) شاهد أبا جعفر وأبا الحسن وأبا محمد (عليهم السلام) وكان شريفا عندهم وله موقع جليل عندهم وروى أبوه عن الصادق (عليه السلام) (صه) (1) نقل سيد الحكمآء هذا العنوان هكذا علي عن أبيه، عن أبي هاشم الجعفري، ثم قال وأما ما يروى في عدة من النسخ علي عن أبي هاشم الجعفري فغلط من إسقاط الناسخ فان أحدا من العليين الذين يعنيهم الكليني في صدور الأسانيد وهم علي بن محمد المعروف بعلان وعلي بن محمد المعروف أبوه بماجيلويه، وعلي بن إبراهيم بن هاشم لم يرووا عن أبي هاشم الجعفري من غير واسطة (قال: كنا عند الرضا (عليه السلام) فتذاكرنا العقل والأدب فقال: يا أبا هاشم العقل حباء من الله والأدب كلفة فمن تكلف الأدب قدر عليه. ومن تكلف العقل لم يزدد بذلك إلا جهلا) الحباء بالكسر العطاء، يقال: حباه حبوة أي أعطاه وفي المغرب الأدب أدب النفس والدرس وقد أدب فهو أديب، وأدبه غيره فأدب وتركيبه يدل على الجمع، والدعاء ومنه الأدب لأنه يأدب الناس إلى المحامد أي يدعوهم إليها (2).
وقيل: الأدب اسم يقع على كل رياضة محمودة يتخرج بها الإنسان في فضيلة من الفضايل، وقال أمير المؤمنين (عليه السلام): «الآداب حلل مجددة» (3) يعني كما أن الشخص يتزين بالحلل كذلك يتزين بالآداب مثل العلم وما يتبعه من حسن المجاورة والمعاشرة وأمثالها، وقال بعض أهل المعرفة: للأدب شعب كثيرة فلذا قال بعضهم: هو ما يتولد من صفاء القلب وحضوره، وقال بعضهم: هو مجالسة الخلق على بساط الصدق ومطالعة الحقايق بقطع العلايق، وقال بعضهم: هو وضع الأشياء موضعها، وقال بعضهم: أدب اللسان ترك ما لا يعنيه، وإن كان صدقا فكيف الكذب، وأدب النفس معرفة الخير والحرص عليه ومعرفة الشر والانزجار عنه، وأدب القلب معرفة حقوق الله تعالى والاعراض عن الخطرات المذمومة، والكلفة ما يتكلفه الإنسان من المشاق ويتجشمه يعني أن العقل عطية من الله تعالى وغريزة في الإنسان وجوهر رباني خلقه وجعل نوره في القلب الهداية إلى خير الدنيا والآخرة وليس للعبدة قدرة على اكتساب ذلك الجوهر لنفسه كما أنه ليس ذلك في وسع المجانين وساير الحيوانات الفاقدة له فمن تكلف في تحصيله وتجشم في اكتسابه كان سعيه عبثا، ومع ذلك يزداد به جهله حيث اعتقد أنه عاقل لما لا يليق به ولا يقدر على فعله وارتكب ما يفضى إلى الدور، نعم الآداب التي يرشده العقل إليها ويدله عليها وهي من توابع حركاته وسكناته الموافقة لقانون الشرع والعرف داخلة تحت قدرته فله السعي في اقتنائها والاجتهاد في

١ - رمز إلى كتاب خلاصة الأقوال للعلامة الحلي (رحمه الله).
2 - تقدم تحقيقه ص 243.
3 - النهج أبواب الحكم تحت رقم 4.
(٢٩٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 287 288 289 290 291 292 293 294 295 296 297 ... » »»
الفهرست