شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ١ - الصفحة ٢٧٦
يرد عليها الانتقاض ولا يعتريه الانتقاص (1) إلى أن يرد في ساحة الحق والجاهل لما كان قلبه مظلما بحيث لا يجد إلى معارف الحق دليلا ولا إلى منازل القدس سبيلا إذ اتبع الهوى وارتكب المحظورات واستمر على المحرمات وانهمك في المشتهيات زادت ظلمته وغلبت كدرته فهو في بيداء الجهالة طاير، وفي ظلمات بعضها فوق بعض حاير، حتى يطلع صبح يوم القيامة عن افق الموت وأي يوم (يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا وما عملت من سوء تود لو أن بينها وبينه أمدا بعيدا وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون).
(والوقار وضده الخفة) الوقار بالفتح الرزانة، والمتانة، وقد وقر الرجل وقارا فهو وقور أي رزين متين إذا كانت نفسه مطمئنة في تحصيل المطالب مستقيمة في الوصول إلى المآرب بحيث لا يحركها الغضب ولا يهزه المكاره بسهولة ولا يتجاوز عن الحد اللايق به عقلا وشرعا وهو من جنود العقل في تصاعده من المنازل السافلة وعروجه إلى المقامات العالية في الدنيا والآخرة لأن عدم انفعال النفس بورود المكاره وعدم اضطرابها بنزول المصائب وعدم تزلزلها بمشاهدة النوائب راحة حاضرة ومنفعة ظاهرة والعفو عن جرائم الناس والصفح عنها وعدم الغلظة عليهم بتسكين ثوران الغضب واطفاء نيران الغيظ والتعب وترك ما يوجب الفرقة بين التصاغر والتشاجر والتقاطع والتخاذل والتنازع والتشاتم والطيش والعجلة من مكارم الأخلاق ومحاسن الأفعال ومحامد الأمور التي يوصف بها أهل المجد والشرف والنجدة والرزانة، ويوجب الرفعة عند الخالق والخلائق، ويجلب محبتهم ومودتهم.
والخفة وهي الطيش والعجلة والجزع لفوات قليل والفرح لطلب كثير والاضطراب لأمر يسير والتزلزل لشئ حقير من صفات الجاهل لأن قلبه سخيف وعقله خفيف ولبه في تيه الجاهلة حاير كأنه موضوع على جناح طاير فيتحرك ويضطرب دائما وذلك يثير الفتنة العظمى والبلية الكبرى، ويسومه سوء العذاب، ويورده في مورد العتاب، ويخلع عنه لباس الكرامة، ويجره إلى ذل المهانة في الدنيا والآخرة.
(والسعادة وضدها الشقاوة) قال الله تعالى (فمنهم شقي وسعيد فأما الذين شقوا ففي النار لهم فيها زفير وشهيق خالدين فيها ما دامت السماوات والأرض إلا ما شاء ربك وأما الذين سعدوا ففي الجنة خالدين فيها ما دامت السماوات والأرض إلا ما شاء ربك عطاء غير مجذوذ) والسعيد الحقيقي من آمن وصدق بالله وملائكته ورسله إيمانا لا يفوته عمل ولا يشوبه دغل ولا ينوبه زلل ولا يعرضه خلل وتصديقا يقوي به عقله على التحرز من المكائد الشيطانية والوساوس النفسانية

1 - لأنه علم كل مسئلة اعتقادية بدليل لا تعتريه شبهة فاستقام بخلاف أهل التقليد والجهال وربما ترى في كلام أصحاب الحديث أن إيمان الجهال أتقن وأحكم من كثير من العلماء وهو بمعزل عن الصواب مردود على قائله.
(ش)
(٢٧٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 271 272 273 274 275 276 277 278 279 280 281 ... » »»
الفهرست