شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ١ - الصفحة ٢٨٣
من ذوي النفوس الجزئية قبل أن يستكمل ذاته عقلا بالفعل لا يحب إلا نفسه بل يعادي غيره ويحسده على ما آتاه الله من فضله فإذا أحب بعضهم بعضا فإنما أحبه ليتوسل به إلى هواه وشهوته فما أحب إلا نفسه ولذلك إذا ارتفعت الأغراض والأعواض بينهم كما في الآخرة رجعوا إلى ما كانوا عليه من الفرقة والعداوة كما في قوله تعالى (الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين).
(والسخا وضده البخل) السخاء في اللغة الجود يقال: سخا يسخو إذا جاد بماله، وسخو الرجل بالضم يسخو سخاوة أو صار سخيا، وفي الاصطلاح ملكة توجب إنفاق الأموال وساير المقتنيات في موضعه على قدر لابد منه بسهولة ومن شرايطه أن يأخذ الشئ من موضعه ويضعه في موضعه فلو صرف الحرام في المستحقين أو صرف الحلال في غيرهم لا يكون سخيا ولا يستحق بذلك ثوابا وتلك الملكة خلقية في الأكثر وقد تكون كسبية حاصلة بكثرة الإعطاء ومزاولة الجود، فإن غير الطبيعي قد يصير طبيعيا بالممارسة وهي فضيلة نفسانية مندرجة تحت العفة التي هي الاعتدال في القوة الشهوية، ويندرج تحت السخا كثير من الملكات والفضائل، منها الكرم وهو أن يسهل على النفس إنفاق الكثير فيما نفعه عام على وجه يقتضيه المصلحة، ومنها الإيثار وهو أن يسهل عليها صرف ما يحتاج إليه في الفقراء والمساكين، ومنها المواساة وهي أن يسهل عليها تشريك المستحقين في ماله وأسبابه، ومنها المسامحة وهي أن يسهل عليها ترك ما لا يجب عليها تركه، ومنها العفو وهو أن يسهل عليها ترك المجازاة بالظلم مع القدرة، ومنها المرؤة وهي أن يكون لها رغبة صادقة على التحلي بحلية البذل وإعطاء ما ينبغي، ومنها النيل وهو أن يكون لها ابتهاج بمداومة الأفعال الحسنة والخصال المرضية; ومنها الصداقة وهي أن يكون لها اهتمام على تحصيل أسباب صديقه بقدر الامكان، ومنها الالفة وهي أن يكون لها اعتناء بتدبير معاش الخلطآء، ومنها الوفاء وهو أن تلتزم طريق المواساة والمعاونة، ومنها الشفقة وهي أن يكون لها همة صادقة على إزالة المكروهات عن الغير، ومنها المكافات وهي أن تقابل الإحسان بمثله أو زائد عليه، ومنها حسن الشركة وهو أن تراعي الاعتدال في المعاملات، ومنها التودد وهو إظهار المحبة للأقران وأهل الفضل وتلقيهم بطلاقة الوجه وحسن البشر، ومنها صلة الرحم وهي أن تراعي حقوق الأقربآء وتشاركهم في الخيرات الدنيوية والاخروية، ومنها التوكل وهو تفويض أمرها إلى الله سبحانه، ومنها الصبر وهو أن لا نجزع من فوات المال وغيره، ومنها القناعة وهي أن لا تحرص على جمع ما لا يحتاج إليه. ومنها الوقار وهو أن تكون ساكنة في تحصيل المطالب غير مضطربة، ومنها الورع وهو أن تجتنب عن الأفعال القبيحة; ومنها الحرية وهي أن تقتصر على اكتساب المال من الطرق الجميلة ولذلك كانت السخاوة والجود من صفات الأنبياء والمرسلين والصديقين ومن اقتفى آثارهم من الصالحين الذين آمنوا بالله وكتبه ورسله ووعده
(٢٨٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 278 279 280 281 282 283 284 285 286 287 288 ... » »»
الفهرست