(علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن جعفر بن محمد الأشعري، عن عبيد الله الدهقان، عن درست عن إبراهيم بن عبد الحميد) مشترك بين رجلين أحدهما مستقيم من رجال الصادق (عليه السلام) والآخر واقفي من رجال الكاظم (عليه السلام) (قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): أكمل الناس عقلا أحسنهم خلقا) العقل نور رباني يفرق بين الحق والباطل ويستبان به المعارف والعواقب ويترك به الذمايم والقبايح، ويتبعه قوة الالتفات إلى جميع المحاسن والفضايل التي منها حسن الخلق، واختلف العلماء في تعريفه فقيل هو بسط الوجه وكف الأذى وبذل الندى وقيل: هو أن لا يظلم صاحبه ولا يمنع ولا يجفو أحدا وإن ظلم غفر، وإن منع شكر، وإن ابتلي صبر، وقيل: هو صدق التحمل وترك التجمل، وحب الآخرة وبغض الدنيا والحق أن كل هذا تعريف له بالآثار والأفعال التابعة له الدالة عليه وأنه هيئة راسخة حاصلة للنفس بصفاتها اللايقة، وذلك النور كما يتنور به الباطن ويهتدي به كل عضو منه إلى ما يليق به كذلك يتنور به الظاهر ويهتدي به كل عضو منه إلى ما خلق لأجله لما بين الظاهر والباطن من مناسبة بها يتعدى حكم كل واحد منها إلى الآخر، وعند ذلك يستقيم الظاهر والباطن ويتوجه كل واحد منهما إلى ما هو مطلوب منه، ومما هو مطلوب منه هو حسن الخلق فحسن الخلق تابع لذلك النور المسمى بالعقل، ولا شبهة في أن العقول متفاوتة في النور والضياء تفاوتا فاحشا لا تكاد تنحصر في عدد وبتفاوتها الأخلاق التابعة لها تفاوتا عظيما، فقد ظهر أن العقل كلما كان أكمل وأتقن كان الخلق أكمل وأحسن، وأيضا العقل محل للحكمة الإلهية والمعارف الربانية وهي توجب محبته تعالى ومحبته توجب محبة عباده من حيث أنهم عباده وصنايعه لأن من أحب أحدا أحب جميع أفعاله من حيث أنها أفعاله وكما يقتضي محبة الله تعالى تعظيمه ظاهرا وباطنا كذلك يقتضى محبة عباده تعظيم وتكريمهم وتلطفهم ظاهرا وباطنا وهي حسن الخلق ولكن لما كانت درجات معرفته متفاوتة ومراتب محبته مختلفة كانت مراتب حبتهم أيضا كذلك ومن ههنا أيضا يتبين أن العقل كلما كان أكمل كان الخلق أحسن ولذلك قال الله تعالى لنبيه (صلى الله عليه وآله) (إنك لعلى خلق عظيم) لأن عقله فوق جميع العقول وأسناها، ومعرفته فوق جميع المراتب وأعلاها، ومحبته فوق جميع الدرجات وأقصاها، فخلفه فوق جميع الأخلاق وأقواها ولذلك اتصف بالعظمة البالغة التي لا تبلغ العقول إلى منتهاها.
* الأصل:
18 - «علي [عن أبيه] عن أبي هاشم الجعفري قال: كنا عند الرضا (عليه السلام) فتذاكرنا العقل والأدب فقال: يا أبا هاشم العقل حباء من الله، والأدب كلفة فمن تكلف الأدب قدر عليه، ومن تكلف العقل لم يزدد بذلك إلا جهلا».
* الشرح: