شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ١ - الصفحة ٢٧٩
عليك تبعة، والرابع: أن تعمد إلى كل فريضة ضيعتها فتؤدي حقها والخامس: أن تعمد إلى اللحم الذي نبت على السحت فتذيبه بالأحزان حتى يلصق الجلد بالعظم وينشأ بينهما لحم جديد، والسادس: أن تذيق الجسم ألم الطاعة كما أذقته حلاوة المعصية فعند ذلك تقول أستغفر الله» (1) وإذا عرفت هذا عرفت أن الاستغفار من جنود العقل وأعوانه في العود إلى الحق والقرب منه، والاغترار يعني الغفلة عن الحق والجرأة عليه والانخداع من النفس والشيطان الموجب للإصرار على المعاصي والاستمرار على الطغيان من جنود الجهل وأعوانه في البعد عنه والاستحقاق بمزيد الخذلان وأنا أستغفر الله وأقول كما قال الشاعر:
لو لم ترد نيل ما أرجو وأطلبه * من جود كفيك ما علمتني الطلبا أراد بذلك قوله تعالى (استغفروا ربكم إنه كان غفارا).
(والمحافظة وضدها التهاون) الحفظ الحراسة، والتحفظ التيقظ، والمحافظة المراقبة، والاستيهان والتهاون الاستحقار والاستخفاف، يقال: استهان به وتهاون به إذا استحقره واستحفظه ولم يبال، أراد أن حراسة النفس وتيقظها ومراقبتها في السير إلى الله سبحانه أو حراسة ما فعله من الصالحات وما أتى به من الخيرات ومراقبتها من أن تتطرق إليها الشبهات المبطلة والعقائد الفاسدة كالرياء والسمعة ونحوهما أو حراسة الطاعات والعبادات بالاتيان بها في أوقاتها مع شرايطها أو حراسة المؤمنين ومراقبة أحوالهم ومحافظة حقوقهم بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من خصايص العاقل لأنه يعلم بنور عقله أن له في كل قدم يرفعها لله تعالى قرينا من الشيطان مترصدا لإغوائه وفي كل منزل عدوا من الغيلان منتظرا لإضلاله وإن الله سبحانه لا يقبل من الأعمال إلا ما هو خالص من المفاسد مقرون مع الشرايط واقع في أوقاتها، وأن المؤمنين كنفس واحدة، وهو لكماله في العقل بمنزلة راعيهم وحافظهم، فلا يغفل عن المحارسة ولا يغمض من المراقبة أبدا بخلاف الجاهل فإنه دائما غافل عن الحراس، بعيد عن الحفاظ مستحقر لذلك العدو، غير مبال به مع كمال قوته وكثرة مكيدته، مستخف بالطاعات متهاون بالعبادات مضيع للأوقات حتى يرده الشياطين إلى أسفل السافلين ألا ذلك هو الخسران المبين.
(والدعاء وضده الاستنكاف) الدعاء في اللغة النداء والصيحة تقول دعوت فلانا إذا ناديته وصحت به، وفي العرف طلب الرحمة والفيض من الله سبحانه على وجه الخضوع والاستكانة وهو من أجل مقامات الموحدين وأفضل درجات السالكين لكونه مشعرا بالذل والانكسار، وإقرارا بصفة العجز والافتقار، ومظهرا لتعلق ربقة الحاجة بربقة الامكان، واعترافا بانغماس الممكن في غمرة

1 - النهج أبواب الحكم تحت رقم 417.
(٢٧٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 274 275 276 277 278 279 280 281 282 283 284 ... » »»
الفهرست