في ساحة القلوب واستظهر الجهل بهذا الجهل الذي من جنوده استظهر العقل بالعلم فيغلبه ويهزمه (كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله والله مع الصابرين).
(والفهم وضده الحمق) الفهم هنا بمعنى العقل كما قيل، أو صفة فاضلة للذهن وهي ملكة الانتقال من الملزومات إلى اللوازم بحيث لا يحتاج في ذلك إلى فضل مكث وتأمل كذا عرفه المحقق الطوسي وعده نوعا من الفضائل مندرجا تحت جنس الحكمة وإنما قلنا هنا لأن الفهم فيما سيأتي من قوله (عليه السلام) «والفهم وضده الغباوة» بمعنى الفطنة وهي شدة الحدس وجودة الذهن وقوته المعدة لاكتساب العلوم أو بمعنى الذكاء وهو نوع آخر من جنس الحكمة فوق النوع المذكور وعرفه المحقق بأنه ملكة حاصلة من كثرة من مزاولة المقدمات المنتجة وممارستها موجبة لسرعة انتاج القضايا وسهولة استخراج النتايج على سبيل البرق الخاطف ومنهم من لم يفرق بين الفهمين وظن أنهما بمعنى واحد فحكم بأن إحدى الفقرتين كانت بدلا عن الأخرى فجمع بينهما الناسخ غافلا عن البدلية ومنهم من جوز أن يكون القهم هنا بالقاف دفعا للتكرار من قهم بالقاف كفرح قل شهوته للطعام وأقهم في الشئ أغمض، وعنه كرهه، وعن الطعام لم يشته.
وهذا الأخير نقله سيد الحكماء عن بعض ولم يصرح باسم القائل ثم قال: هذا أعجوبة التعاجيب فأين أنتم يا معشر المتعجبين، وإذا عرفت الفهم فقد عرفت الحمق بالمقابلة فهو إما ضد العقل على ما قيل أو بطؤ الانتقال من الملزومات إلى اللوازم ويسمى ذلك بالبلادة المفرطة وهو نوع من جنس رذيلة الجهل المقابلة لفضيلة الحكمة ومنشأ ذلك نقصان الذهن (1) وكساده من انحمق الثوب إذا بلى وانحمقت السوق إذا كسدت وانحمق القمر إذا زال نوره وقد عد الحمق أعظم الفقر وأكبره لكونه أشد بلاء وأكثر ابتلاء من الفقر المعروف بين الناس إذ الأحمق يفقد الدين والكمال الذي هو أشرف من المال والدليل عليه قول أمير المؤمنين (عليه السلام): (وأكبر الفقر هو الحمق) ويعلم منه بحكم المقابلة إن أعظم الغنى الفهم (ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم).
(والعفة وضدها الهتك) لما كان بقاء النوع والشخص مفتقرا إلى التناكح والتناسل وتناول الغذاء والتلذذ بالمآكل والمشارب لأن الحرارة الغريبة الخارجة والغريزية الداخلة أعدى عدو للرطوبة