شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ١ - الصفحة ٢١٦
بالأركان» (1) ومثله قول علي بن موسى الرضا (عليه السلام) فالجمع يقتضي أنه تعريف للإيمان الكامل وقد شاع في لسان الشرع إطلاق اسم الايمان عليه، والكفر الذي هو ضده عدم الاعتقاد بالأمور المذكورة أو إنكار شئ منها وهو روح الجهالات والداعي إلى ذمائم الصفات.
وقيل: الايمان نور من أنوار الله فائض منه على قلب من يشاء من عباده به يرى الأشياء كما هي وهو المسمى تارة بالحكمة النظرية يعني ملكة يقتدر بها الإنسان على إحضار المعلومات الحقة متى شاء من غير تجشم كسب جديد وتارة بكمال العقل النظري أو القوة النظرية وتارة بالعقل بالفعل وتارة بالعقل البسيط الاجمالي.
والكفر الذي ضده ملكة ظلمانية حاصلة في النفس من كثرة الاغلوطات وتراكم الشبهات وتزاحم الوهميات ورسوخها فتصير تلك الملكة الظلمانية حجابا عن إدراك حق وعمى في عين قلب عن كل مستتر وصما في أذن عقل عن سماع كل كلام صادق والذي يدل على أن الايمان نور والكفر ظلمة قوله تعالى: (الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور إلى الظلمات) وفيه أولا أن تفسير الايمان بما ذكره غير معروف وثانيا أن الآية لا تدل على ما قال بل تدل على أن الايمان سبب للنور ووسيلة إليه والكفر سبب للظلمة وذريعة إليها فليتأمل.
(والتصديق وضده الجحود) أي تصديق الصادقين فيما قالوه، أو التصديق بالمسائل اليقينية والمعارف الحقيقية على سبيل التفصيل والركون إليها بايراد الدلائل والبراهين عليها والتفاوت بين الايمان والتصديق على ما ذكرنا مثل التفاوت بين العلم الإجمالي والتفصيلي والجحود الذي هو ضده إنكار الصادقين أو إنكار تلك المسائل والمعارف والركون إلى الشهوات والشبهات والميل إلى الجهالات والرجوع في المعضلات إلى نفسه والتعويل في المبهمات على رأيه فما أنكرته النفس كان هو المنكر، وما عرفته كان هو المعروف فهي تاركة لرواسم الشريعة، تابعة لأهوائها مائلة إلى آرائها.
(والرجاء وضده القنوط) الرجاء بالمد مصدر بمعنى التوقع والأمل تقول: رجوته أرجوه رجوا ورجاء ورجاوة وهمزته منقلبة عن واو بدليل ظهورها في رجاوة وقد جاء فيها رجاة، ومبدء الرجاء يعني توقع ثواب الله وإحسانه وإكرامه وإنعامه معرفته تعالى وملاحظة غناه عن العالمين واعتبار أسباب نعمة ظاهرة وباطنة، جلية وخفية، ضرورية كآلات التغذية والتنمية وغير ضرورية كتقوس الحاجبين واختلاف ألوان العينين إلى غير ذلك من الألطاف الإلهية والفيوضات الربانية التي صدرت منه قبل الاستحقاق والأعمال وبعد الاستحاق والاستيهال فإنه إذا تفكر العقل في هذه الأمور وتأمل

1 - الكافي كتاب الايمان والكفر باب أن الايمان قبل الإسلام.
(٢١٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 211 212 213 214 215 216 217 218 219 220 221 ... » »»
الفهرست