شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ١ - الصفحة ٢٠٦
سلسلة الإيجاد (1) وأن يقال، يجوز أيضا أن يراد بالعرش القلب الانساني لأنه عرش الرحمن، ويمينه الجانب المائل إلى الحق، وشماله الجانب البعيد عنه لأنه قابل لسلوك الطريقين: طريق الحق وطريق الباطل هذا وقيل: المراد بالعرش هنا الجوهر المجرد الانساني المسمى بالعقل وبالعرش العقلاني وهو بإزاء الفلك التاسع المسمى بالعرش الجسماني وكل منهما في جانب مقابل لجانب آخر، والمراد بيمينه مطلق جانبه وسمي يمينا للتشريف والتعظيم، وقيل: العرش جوهر متوسط بين العالم العاقل الثابت وبين العالم المتغير المتجدد نفوسا كانت المتغيرات أو أجساما والله سبحانه أوجد الثابتات بنفس ذاته بلا واسطة وأوجد المتغيرات بواسطة العرش والثابت هو اليمين في سلسلة الإيجاد لأنه أقرب منه تعالى (من نوره) متعلق بخلق العقل أي خلقه من ذاته بلا واسطة شئ ولا اعتبار مادة (2) أو حال عن العقل والإضافة للتشريف والتكريم كما في عيسى روح الله، أو حال عن الروحانيين بناء على أن الروحانيين كلهم نورانيون والعقل أولهم وأفضلهم وعلى التقادير فيه إشارة إلى أن العقل نور رباني لأنه يظهر به الحق عن الباطل والصواب عن الخطأ كما يظهر بالنور الأشياء المتحجبة بالظلام وإن نوريته مستفادة من نور ذاته سبحانه بلا توسط شئ نوراني غيره (3) ولا تكدره

1 - هذا أيضا تصريح بتقدم العقل في الوجود على غيره (ش).
2 - فإن قيل كيف أنكر أولا كون العقل الأول خلقه الله بلا واسطة ثم اعترف هنا بما أنكره أولا؟ قلنا: إنما أنكر سابقا دلالة قوله (عليه السلام) وهو أول خلق من الروحانيين على كون العقل أول مخلوق ولم ينكر أصل المعنى بل استدل عليه بحديث آخر وهو «أول ما خلق الله العقل» والذي زيفه هو قول المشائين في كيفية صدور الكثير عن الواحد من أن العقل الأول صدر منه شيئان الفلك التاسع والعقل الثاني ثم من كل عقل فلك وعقل إلى العاشر ولم يريدوا الحصر في العشرة كما صرحوا به والمتأخرون من الحكماء يزيفون قول المشائين وقال الحكيم السبزواري مشيرا إلى قولهم:
إذ ذا لدى الشرق بلا وثاق * أسس اسا شيخنا الاشراقي ثم قال بعد أبيات:
وليس في الثاني من الجهات ما * يفي بثامن كثير أنجما واعلم أن المجلسي رحمه الله أخا زوجة الشارح أنكر وجود العقل المجرد مطلقا بل أنكر المجردات وقال كل شئ غير الله تعالى جسم وقد مضى في الصفحة 69 و 70 وكرر في مرآة العقول انكاره لوجود مجرد غيره تعالى وقال في شرح أربعينه إثبات العقل المجرد يوجب إنكار كثير من ضروريات الدين ولكن الشارح كرر ذكر عالم المجردات وأن العقول جواهر مجردة وأنها لا تفتقر في فعلها إلى مادة والنفوس تفتقر إليها، وقال أيضا:
إن النفس الانساني جوهر مجرد والأنوار العقلية حقيقة واحدة تختلف في الشدة والضعف والنقص في أصل النورية والوجود وغير ذلك مما مضى وسيأتي إن شاء الله ولا يتعجب من اختلاف الطريقتين فان الناس لا يزالون مختلفين (ش).
3 - لما كان خلق العقل من ذاته سبحانه بلا واسطة شئ نوراني ولا مادي.
أما أنه لا واسطة نورانية بينه وبين الله تعالى فلأنه لا شئ أشرف من العقل ولا أقرب إليه تعالى ولا واسطة مادية إذ ليس وجود العقل متوقفا على الاستعداد كالنفوس الانسانية فإنها تتوقف على أن يستعد البدن بالنطفة والعلقة والمضغة والعظام واللحم لأن ينشأ خلقا آخر فيكون المادة واسطة بين المبدء وبين النفوس والعقل لا تكدره كدرة المواد الظلمانية فيكون خلق العقل من نور الله سبحانه لذلك يتصل به آخرا (ش).
(٢٠٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 201 202 203 204 205 206 207 208 209 210 211 ... » »»
الفهرست