شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ١ - الصفحة ٢٠٣
في عالم الكون والفساد من آثار طبايع العناصر وآثار عالم الكون والفساد قابلة لاختلاف الأشكال والصور والآثار التي في العالم العلوي متناسبة غير قابلة لاختلاف الصور، فالشمس مثلا لا تقبل أن تكون على غير تلك الصورة وما يجري في العالم السفلي هو من آثار نفوس الأفلاك وعقولها (1)، وكان أصل أكثرهم في الموجود الأول أن لا يخلق شيئا بالاختيار، فإيجاد العقل الأول إنما هو بحسب الذات إيجاب العلة معلولها فإن العالم العلوي والسفلي لا مفتتح لوجودهما عندهم لأن العلة والمعلول موجودان معا وتقدم العلة على المعلول إنما هو بالذات لا بالوجود إلى غير ذلك من المزخرفات التي ليس هذا موضع استيفائها (2) ولا مستند لهم على طريق البرهان فإذا ضويقوا في المطالبة به قالوا: لا تدرك هذه الأمور بالبرهان وإنما تدرك بالرياضات أو بالرياضيات فمن أحكمها علم ذلك ضرورة ولا يخفى فساد هذا القول أما الرياضات فإن الأنبياء والأوصياء وهم الأقدمون في باب الرياضة والمكاشفة لم يخبروا بذلك (3) وأما الرياضيات فقال المحققون: هذا أسخف لأن الرياضيات كالهندسة والحساب والهيئة والموسيقى لا ارتباط بينها وبين المطلوب فإن الهندسة تنظر في هيئة الجسم المتصل، والحساب ينظر في الكم المنفصل، والهيئة تنظر في كيفية الأجسام (4)

1 - إلى هنا تقرير مذهب أرسطو ومن تابعه ولم يحكم فيه بشئ تفصيلا إلا أنه تخليط أي ممزوج حقه بباطله وبما لم يبين حقه من باطله لعدم تعلق الغرض به ورجع بعد تقرير كلامهم إلى إبطال الأصل الذي يبني عليه أكثرهم وهو لا يوافق مذهب المسلمين وهو أن الله تعالى فاعل بالاختيار لأن تحقيق ذلك هو الغرض الأصلي.
واعلم أن الحكماء المتأخرين كصدر المتألهين وأتباعه لا يرتضون مذهب المشائين في حصر العقول في العشرة الطولية وتكثير الجهات على ما ذكروه مع أنهم أيضا لم يريدوا الحصر، والتفصيل في محله (ش).
2 - المزخرف المموه بالذهب، شبه الكلام الباطل المشتبه بالحق بالنحاس الملبس بالذهب وقال: إن أكثر أتباع أرسطو لهم أصل في الموجود الأول تعالى وأنه لا يفعل شيئا باختياره بل هو فاعل موجب وخص القول بأكثرهم لأن بعضهم قائلون بالاختيار ولم ينقل من أصولهم الفاسدة هنا إلا واحدا فقط لعدم تعلق غرضه بالنقل، ثم رجع إلى ما سبق ذكره من بيان مذهب أرسطو في مبدء الخليقة وكيفية صدور الممكنات منه تعالى وقال لا مستند لهم على طريق البرهان - إلى آخر ما قال - والحاصل من كلامه بطوله أن ما قالوا من أن العقل هو أول صادر من الواجب تعالى لا يستفاد من لفظ هذا الحديث وهو حق إلا أنه يستفاد من حديث آخر نقله وهو «أول ما خلق الله العقل» أقول: ومن هذا الحديث أيضا بضميمة ما ذكرنا من أن الروحانيين مقدمون على الجسمانيين. (ش) 3 - لا أظن أن أرسطو وأتباعه تمسكوا في إثبات مطلوبهم بالرياضة وهذا بعيد عن طريقتهم إلا أن يكون المراد الاشراقيين وليس مذهبهم في صدور الممكنات ما ذكره هنا بل لهم طريقة أخرى مذكورة في محله وأما أن الأنبياء لم يخبروا بذلك فهو لا يدل على بطلانه فإنهم (عليه السلام) يخبرون بما علم الله فيه مصلحة الخلق باخبارهم لا بجميع ما هو حق يعلمه الله تعالى مثلا لم يخبر الأنبياء بأن زوايا المثلث مساوية لقائمتين وأن الجزء الذي لا يتجزى محال، وأن دواء السل ما هو، وبم يعالج مرض السرطان، وقيض الله لذلك غير الأنبياء عليهم السلام (ش).
4 - غرض القائل إن عدد السماوات يستفاد من علم الهيئة لما يرى من اختلاف حركات الكواكب في الطول والعرض ولا يمكن أن ينسب الحركات المختلفة إلى قوة واحدة فإذا رأيت عربة تمشى إلى جانب بسرعة وأخرى إلى جانب آخر ببطوء علمت أن محرك أحدهما غير الآخر ولم يكن الشارح جاهلا بمسائل الهيئة كما يدل عليه ما مضى منه في تفسير بعض الآيات ولا يحتمل أن ينقل العبارة هناك من غير علم بمعناه ولكن ما ذكره هنا طغيان من القلم (ش).
(٢٠٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 198 199 200 201 202 203 204 205 206 207 208 ... » »»
الفهرست