شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ١ - الصفحة ٢١١
نورانيته ولو علم ذلك لعلم بطلان قياسه.
(خلقته وكرمته وقويته) يعني خلقته من نورك وكرمته على جميع خلقك وقويته بجنود يتقوى بها في الحركة إلى عالم الانس والانتقال إلى عالم القدس (وأنا ضده ولا قوة لي به) في المضادة والمقابلة والانتقال إلى ما هو غاية مرامي ونهاية مقامي في اللذات التي عاينتها والحركة إلى أقصى مدارجها (فأعطني من الجند مثل ما أعطيته) في العدد والقوة، طلب ذلك ليحصل له قوة بسبب جنوده على معارضة العقل وجنوده فيتيسر له الوصول إلى غاية منيته ونهاية بغيته (فقال: نعم) اعطيك مثل جنود العقل اختبارا وامتحانا لك وتكميلا للحجة عليك (1) باعطاء سؤلك وانتظارا لرجعتك إلى درجة رفيعة ومنزلة شريفة، فإن المطيع مع العجز وفقد الآلات ليس مثل المطيع مع القدرة على المخالفة، بل أولئك أعظم درجة وأرفع منزلة، ولذلك كانت عباده الشبان وإنابتهم وإخباتهم أحسن وأشرف من عبادة الشيوخ وإنابتهم وإخباتهم (فإن عصيت بعد ذلك) أي بعد ذلك العصيان بترك الاقبال أو بعد أن أعطيتك جنودا وأنصارا مقابلة لجنود العقل وأنصاره (أخرجتك وجندك من رحمتي) المعدة للمطيعين فتشقى بذلك وتدخل في زمرة الأشرار وتستحق الدخول في الدرك الأسفل من النار، والوجه لكون معصية النفس مع الجنود موجبا للخروج من الرحمة دون معصيتها لامعها أن النفس إذا كانت ضعيفة فاقدة للأنصار كانت أفعالها ناقصة فلم تكن شقاوتها شديدة موجبة للخروج من الرحمة بخلاف ما إذا كانت قوية واجدة لأنصارها وآلاتها فإن سلوكها في طريق الشقاوة وسيرها في منهج الضلالة أفخم، واكتسابها للأخلاق الذميمة والرذايل وانهماكها في ظلمات الغي والغوائل أعظم فيكون تباعدها عن الرحمة الإلهية والألطاف الربانية أكثر وأقوى ودخولها في دركات الجحيم واستحقاقها للعذاب الأليم أقرب وأولى.
(قال رضيت) رضي عن الحق بإجابة سؤاله أو رضي بالخروج عن الرحمة على تقدير معصيته

١ - جنود العقل تساعده في الخيرات وجنود الجهل في الشرور، والحقيقة أن الجند من حيث هم جند نسبتهم إلى الخير والشر سواء فجنود الملك قد تعينه في الجهاد وفتح بلاد الكفار وقد تعينه في الظلم والاضرار بالمسلمين وسلب الأموال وقتل النفوس، وجنود الجهل إذا اعتبرت من حيث وجودها في أنفسها لا شرية فيها بل هي خير من جهة وجودها الصادر عن الله تعالى. فإن قيل معنى قوله: اختبارا وامتحانا وتكميلا للحجة أن تلك الجنود تعين الجهل في الخيرات لا في الشرور إذ بأسباب الخير والسعادة يتم الحجة على المكلف لا بأسباب الضلال والعصيان.
قلنا: ينفع السؤال بما ذكر من أن الجنود من حيث هم جنود لا شر فيهم وأن الجهل إذا استعملهم في الشر صاروا أشرارا وأعطاه الله جنودا يستعين بها في الخيرات ولم تكن أسماءها شرا كالحرص والرياء فاستعملها في الشرور وهذه الأسامي التي تدل على الشرور إنما صارت لها بعد استعمال الجهل وإلا فليس الوجود الصادر عن المبدء إلا الخير المحض (ش).
(٢١١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 206 207 208 209 210 211 212 213 214 215 216 ... » »»
الفهرست