شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ١ - الصفحة ٢٠٤
والموسيقي ينظر في ترتيب الألحان وتقطيعها على وجه معروف مخصوص، ثم إنهم رضوا في القطعيات بما لا يفيد علما ولا ظنا (1) والحق أن كل هذا باطل (2) والموجود الأول قديم وحده وفاعل العقول والأجسام والجواهر والأعراض ولوازمها كلها بالاختيار على سبيل الحدوث لا بالايجاب وإلى قدرته ينسب الجميع خالق كل شئ لا إله إلا هو الواحد القهار، والروح يذكر ويؤنث يجمع عل الأرواح وقد تكرر ذكره في القرآن والحديث على معان منها جبرئيل (عليه السلام) في قوله تعالى: روح الأمين وروح القدس ومنها سائر الملائكة ومنها القوة التي تقوم بهذا الجسد وتكون به الحياة ومنها القوة الناطقة الانسانية التي يعبر عنها الإنسان بقوله: أنا.
واختلف المتكلمون والحكماء وغيرهما في حقيقته وقالوا فيه أقوالا كثيرة وظنوا فيه ظنونا متقاربة صدرت عنهم من غير بصيرة فإنه لا يعلم حقيقته إلا الله سبحانه ومن علمه من عباده كما قال جل جل شأنه (ويسئلونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أو تيتم من العلم إلا قليلا) (3)

1 - قوله «لا يفيد علما ولا ظنا» ذكر الفلاسفة قدماؤهم ومتأخروهم حتى أهل عصرنا في مبدء الخليقة أمورا لا تستند إلى برهان قطعي ولا ظن قوي بل يستحسنون أمورا بذهنهم ويذكرون أمارات عليه ويسميه أهل عصرنا نظرية أو فرضا مثل ما نقل عن ثاليس الملطي من القدماء أن أصل الكون هو الماء وقول هراقليطس أنه النار وفيثاغورث أنه العدد وقول ذي مقراطيس أنه الذرات المتحركة في الفضاء فتلاقت بالبخت والاتفاق وقول أصحاب الخليط والكمون والبروز على ما هو مفصل في موضعه وفي عصرنا من فلاسفة الإفرنج من يقول أن العالم مركب من ذرات روحية تركبت على نظام عقلي وهو قول لبنيز ومنهم من يقول كانت الشمس والسيارات والأقمار جميعا كتلة واحدة من الأجسام المحترقة المتحركة على نفسها بسرعة فتطاير منها قطعات كما يتطاير من الشعلة الجوالة ذرات النار فبردت القطعات وكل سيارة قطعة منها وقال بعضهم في تسلسل المواليد بالنشوء والارتقاء كما هو معروف وقال بعض أهل عصرنا منهم إنه لا جسم ولا مادة بل قوى مختلفة نظير القوة الكهربائية يمنع بسرعة انتقالها ودورانها عن ان ينفذ فيها شئ فيظن صلابة ويتصور جسم ولا يعتقد أحد من أصحاب هذه الأقوال في مبدء إظهار آرائهم صحتها بل يبدون رأيا وينظرون حتى يقضي الأدلة والبراهين بعد ذلك على صحتها أو بطلانها وغالبا لا يثبت النظريات والفروض بجميع تفاصيلها، وما نقل عن المشائين نظير تلك إلا أن هذه الأقوال طبيعية محضة وقول المشائين تخليط من الطبيعي والإلهي وللاشراقين طريقة أخرى (ش).
2 - لكن بطلانه راجع إلى شئ واحد وهو كون صدور الأشياء عنه تعالى بالاضطرار والايجاب وبالتفويض إلى العقل (ش).
3 - لم يقل الله تعالى إن الناس لا يعلمون شيئا أو ما يعلمونه باطل بل قال تعالى إنهم يعلمون وإن الله آتاهم علمه لكن ما يعلمون قليل بالنسبة إلى مالا يعلمون وغاية ما يعلمون أن الروح جوهر مجرد باق بعد فناء البدن وله في عالمه لذات وآلام أقوى مما في هذا العالم مثل ما نعلم أن في بلاد الصين رجالا ونساء ولهم مكاسب ومعايش ولا نعلم منهم ما نعلم من بلادنا (ش).
(٢٠٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 199 200 201 202 203 204 205 206 207 208 209 ... » »»
الفهرست