شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ١ - الصفحة ٢٠١
هذه الخصال كلها من أجناد العقل إلا في نبي أو وصي نبي أو مؤمن قد آمتحن الله قلبه للايمان، وأما سائر ذلك من موالينا فإن أحدهم لا يخلو من أن يكون فيه بعض هذه الجنود حتى يستكمل وينقى من جنود الجهل فعند ذلك يكون في الدرجة العليا مع الأنبياء والأوصياء وإنما يدرك ذلك بمعرفة العقل وجنوده وبمجانبة الجهل وجنوده، وفقنا الله وإياكم لطاعته ومرضاته».
* الشرح:
(عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد; عن علي بن حديد) ضعفه الشيخ في كتابي الحديث وقال: لا يعول على ما ينفرد بنقله وقال الكشي: قال نصر بن الصباح، إنه فطحي من أهل الكوفة وكان أدرك الرضا (عليه السلام) وروى عن أبي جعفر وأبي الحسن (عليهم السلام) ما دل على مدحه وجواز الصلاة خلفه والأخذ بقوله ولكن حكم بعض أصحابنا بضعف هذه الرواية (عن سماعة بن مهران) فطحى ثقة روى عن أبي عبد الله (عليه السلام) وأبي الحسن (عليه السلام) وما قيل: من أنه مات في حياة أبي عبد الله (عليه السلام) فهو غلط لأنه يروي كثيرا عن أبي الحسن (عليه السلام) (قال: كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) وعنده جماعة من مواليه فجرى ذكر العقل والجهل فقال أبو عبد الله (عليه السلام) اعرفوا العقل وجنده) أي أعوانه وأنصاره وفيه مكنية وتخييلية (والجهل وجنده تهتدوا) مجزوم بالشرط المقدر ولعل المراد بالمعرفة المعرفة مع اختيار جنود العقل لأن الهداية لا تحصل إلا بهما (قال سماعة: فقلت: جعلت فداك) الفداء إذا كسر أوله يمد ويقصر وإذا فتح فهو مقصور، وعن المبرد المفاداة أن تدفع رجلا وتأخذ رجلا والفداء أن تشتريه وقيل: هما بمعنى.
(لا نعرف إلا ما عرفتنا فقال أبو عبد الله (عليه السلام): إن الله خلق العقل وهو أول خلق من الروحانيين) الجار والمجرور إن كان خبرا بعد خبر أي هو أول خلق وهو من الروحانيين فأفاد الكلام أن العقل يعني الجوهر المجرد الإنساني (1) أول المبدعات ومقدم على غيره من الممكنات كلها في الفطرة

1 - «الجوهر المجرد الانساني» إعلم أن الموجود إما روحاني ليس له مقدار بالذات وإما جسماني له طول وعرض وعمق والقسمة حاصرة دائرة بين النفي والاثبات واصطلحوا على تسمية الأول بالمجرد وهو المراد بالروحاني إذ هو المقابل للجسماني في الاصطلاح واختلف الناس في تقدم الروحاني على الجسماني أو العكس فذهب الملاحدة وأصحاب الطبائع والدهرية إلى الثاني وقالوا أن ما يسمى روحا ليس إلا فرعا على الجسم متأخرا عنه وأثرا من آثاره كالحرارة والبرودة; فإن بطل الجسم بطل الروح وليس هنا موجود مدرك عاقل مستقل بنفسه غير حال في الجسم وعلى قول هؤلاء فلا عقل ولا نفس ولا ملائكة ولا جن ومن مات فات وبطل وفنى وذهب الإلهيون والروحيون إلى أن المجرد مقدم على الجسم وليس الروح العاقل المدرك أثرا وفرعا على الجسم بل هو مستقل بنفسه ومقدم في الوجود عليه لأن الجسم الجامد محتاج إلى الموجود المجرد وليس الموجود المجرد محتاجا إلى الجسم، والجسم مركب من المادة والصورة وحفظ المادة بالصورة وحفظ الصورة بالموجود المجرد الروحاني وفتح الله على عقول الناس وهم في هذا العالم الأدنى بابا إلى عام التجرد وهو الرؤيا الصادفة والإلهامات فإذا رأى شيئا. من الأمور الغائبة المستقبلة مما لا يمكن أن يستنبطه الإنسان بعقله ولم يوجد بعد ثم وقع كما رأى دل ذلك على وجود عالم عقلي مدرك يعلم ما سيقع في المستقبل ويتصل روح الإنسان في المنام بموجودات ذلك العالم نحوا من الاتصال ويدرك بعض الأمور والعقل الذي هو أول خلق من الروحانيين ليس إلا الموجود العاقل في ذلك العالم والحديث يدل على أن العقل أول خلق من الروحانيين، والروحانيون مقدمون على الجسمانيين فالعقل أول الخلق مطلقا.
ولا يتصور أن يعتقد أحد أن الجمادات أقرب إلى الله تعالى من الروحانيين كما سيصرح به الشارح (ش).
(٢٠١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 196 197 198 199 200 201 202 203 204 205 206 ... » »»
الفهرست