يأتي في باب الكفر: الأول إنكار الرب، الثاني إنكار الحق مع العلم بأنه حق، الثالث ترك ما أمر الله تعالى به، الرابع كفران النعم قال هذا من فضل ربي ليبلوني ءأشكر أم أكفر الخامس كفر البراءة قال «كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء» يعني تبرأنا منكم، والشر يطلق على كل خبيث ومنقصه كما يرشد إليه قول أمير المؤمنين (عليه السلام) والشر جامع مساوي العيوب والحاصل أنه امر كلي تحته أفراد كثيرة كلها من العيوب والخبائث وقد يقسم إلى شر مطلق كعدم العقل مثلا وإلى شر مقيد كعدم كل واحدة من الصفات المرضية والشرايع النبوية ووجود أضدادها.
(والرشد والخير منه مأمولان) يعني العقلاء آملون صدورهما منه، والرشد الهداية وخلاف الغي، والخير لفظ جامع لجيمع الأمور الحسنة كما أن الشر جامع لجميع الأمور القبيحة فهو أيضا مفهوم كلي تحته أفراد كثيرة ويقسم إلى خير مطلق كوجود العقل وإلى خير مقيد كوجود كل واحدة من الصفات المرضية والشرائع النبوية ولعل المقصود أن من أتصف بالخير والرشد والهداية واجتنب سبيل الشر والغي والضلالة، وكان جميع أفعاله وأعماله بالفعل على الوجه المستقيم بحيث يأمل العقلاء منه خيرا ورشدا في غابر عمره ويستنبطون منه ذلك في بقية دهره، فهو تام العقل ويجعل ذلك دليلا على كماله، وإنما قلنا المقصد ذلك لأن كونه قابلا لمطلق الرشد والخير في حيز الاستعداد وكونهما مأمولين منه بالقوة من جميع الوجوه لا يدل على تمام عقله وكماله لأن عقله حينئذ في المرتبة الهيولانية.
(وفضل ماله مبذول) يحتمل أن يراد بالفضل ما زاد على القوت والكفاف وإنما خص بالفضل لأن بذل الكفاف قد لا تطيب به نفس أكثر العقلاء بل قد ورد النهي عنه في بعص الروايات، ويدل عليه أيضا قوله تعالى (ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوما محسورا) ويحتمل أن يراد به الصدقات المفروضة مثلا الزكاة وغيرها وفي الخبر «أن السخي هو من أدى فرايض ماله» (1) واعلم أن لبذل المال ومنعه غايات وبين غاياتهما تفاوت والفضل لغايات البذل والحاكم بذلك هو العقل الصحيح والنص الصريح، أما غايات البذل فمنها الذكر الجميل بين الناس وهو مطلوب عقلا وشرعا لقوله تعالى حكاية عن إبراهيم (عليه السلام) «واجعل لي لسان صدق في الآخرين» (2) وقول أمير المؤمنين (عليه السلام) «ولسان صدق يجعله الله للمرء في الناس خير له من المال