شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ١ - الصفحة ١٧٣
الدنيا لنفسه خطرا، أما إن أبدانكم ليس لها ثمن إلا الجنة فلا تبيعوها بغيرها. يا هشام إن أمير المؤمنين (عليه السلام) كان يقول: إن من علامة العاقل أن يكون فيه ثلاث خصال: يجيب إذا سئل وينطق إذا عجز القوم عن الكلام ويشير بالرأي الذي يكون فيه صلاح أهله، فمن لم يكن فيه من هذه الخصال الثلاثة شئ فهو أحمق إن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: لا يجلس في صدر المجلس إلا رجل فيه هذه الخصال الثلاث أو واحدة منهن فمن لم يكن فيه شيىء منهن فجلس فهو أحمق.
وقال الحسن بن علي (عليهم السلام): إذا طلبتم الحوائج فاطلبوها من أهلها، قيل: يا ابن رسول الله ومن أهلها؟ قال: الذين قص الله في كتابه وذكرهم، فقال: إنما يتذكر أولو الألباب قال: هم أولو العقول.
وقال علي بن الحسين (عليهما السلام): مجالسة الصالحين داعية إلى الصلاح وآداب العلماء زيادة في العقل، وطاعة ولاة العدل تمام العز، واستثمار المال تمام المروة، وإرشاد المستشير قضاء لحق النعمة، وكف الأذى من كمال العقل وفيه راحة البدن عاجلا وآجلا.
يا هشام إن العاقل لا يحدث من يخاف تكذيبه، ولا يسأل من يخاف منعه، ولا يعد مالا يقدر عليه، ولا يرجو ما يعنف برجائه، ولا يقدم على ما يخاف فوته بالعجز عنه.».
* الشرح:
(يا هشام إن الله حكى عن قوم صالحين أنهم قالوا ربنا لا تزغ) أي لا تمل من الإزاغة وهي الإمالة (قلوبنا) من الحق إلى الباطل أو من الايمان إلى الكفر أو من اليقظة إلى الغفلة أو من العلم والهداية إلى الجهل والغواية، وقال صاحب الكشاف لا تبتلنا ببلايا تزيغ فيها قلوبنا (بعد إذ هديتنا) إلى الخيرات المذكورة و «بعد» نصب على الظرف و «إذ» في موضع الجر بالإضافة، وقيل: «إذ» ههنا بمعنى أن ولما كان بين الرهبة والرغبة تلازم وقد صدر منهم الدعاء بالنظر إلى الأولى أولا صدر منهم الدعاء بالنظر إلى الثانية ثانيا طلبا لزيادة الإفضال والإحسان ورجاء لمزيد النعمة والامتنان (فقالوا: وهب لنا من لدنك رحمة) أي كرامة توجب قربنا منك والزلفى إليك والفوز بالفلاح لديك أو توفيقا للثبات على الحق أو الإيمان أو مغفرة للذنوب، ثم قالوا لتأكيد رجائهم في إجابه دعائهم (إنك أنت الوهاب) في النهاية: الهبة العطية الخالية عن الأعواض فإذا كثرت سمى صاحبها وهابا، وهو من أبنية المبالغة، يعني أنت الوهاب لكل طلبة ومسئلة أو لوجود كل شئ وحقيقته وماهيته وخواصه وآثاره وكماله من غير عوض، وفيه دلالة على أن السلامة من آفات الدنيا والهداية إلى المولى والنجاة من الضلالة والعمى والاستقامة على سبيل الرشاد من الله المتفضل برحمته على العباد (حين علموا) ظرف لقالوا (أن القلوب تزيغ) بفتح التاء من زاغ بمعنى مال، أي تميل عن طريق الصواب (وتعود إلى
(١٧٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 168 169 170 171 172 173 174 175 176 177 178 ... » »»
الفهرست