شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ١ - الصفحة ١٥٧
فطوبى لمن لزم بيته، وأكل قوته، واشتغل بطاعة ربه، وبكى على خطيئة» (1) وكما روي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) حين سأله عن عقبة بن عامر الجهني عن طريق النجاة أنه قال له: «ليسعك بيتك وأمسك عليك دينك وابك على خطيئتك» (2).
الثالث: أن يخرج إلى الصحاري وقلل الجبال وشعبها ويعبد الله ربه حتى يأتيه اليقين كما قيل له (صلى الله عليه وآله) «أي أفضل: فقال: «رجل في شعب من الشعاب يعبد ربه ويدع الناس من شره» (3) وقال (عليه السلام) «إن الله يحب العبد التقي النقي الخفي» (4) والاخبار الدالة على مدح المعتزلين من طرقنا وطرق العامة أكثر من أن تحصى وفوائدها كثيرة منها الفراغ لعبادة الله تعالى والذكر له والاستيناس بمناجاته والاستكشاف لأسراره في أمور الدنيا والآخرة من ملكوت السماوات والأرض ولذلك كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يتعبد بجبل حراء ويعتزل به حتى أتته النبوة.
ومنها: الاخلاص في العبادة وتبعيدها عن تطرق احتمال السمعة والرياء كما روي عن الباقر (عليه السلام):
«لا يكون العبد عابدا لله حق عبادته حتى ينقطع عن الخلق كلهم إليه فحينئذ يقول: هذا خالص لي فيقبله بكرمه» (5).
ومنها: صرف القلب عن غير الله وهي نعمة عظيمة وفائدة جليلة كما قال الصادق (عليه السلام) «ما أنعم الله عز وجل أجل من أن لا يكون في قلبه مع الله عز وجل غيره».
ومنها: الأمن من نزول العذاب عليه عند نزوله بساحة الظالمين كما روي عن أبي الحسن موسى بن جعفر (عليهما السلام) أنه نهى رجلا من أصحابه عن مجالسة خالد وهو من أهل الضلال فقال: أي شئ علي منه إذا لم أقل ما يقول؟ فقال (عليه السلام): أما تخاف أن تنزل به نقمة فتصيبكم جميعا، أما سمعت بالذي كان من أصحاب موسى وكان أبوه من أصحاب فرعون، فلما لحقت خيل فرعون موسى

١ - أورده الشريف الرضى في النهج في خطبه (عليه السلام) تحت رقم ١٧٤ أوله «انتفعوا ببيان الله» وقال بعض الشراح في هذا الكلام ترغيب في العزلة عن إثارة الفتن واجتناب الفساد وليس ترغيبا في الكسالة وترك العامة وشأنهم فقد حث أمير المؤمنين (عليه السلام) - في غيره هذا الموضع - على مقاومة المفاسد والامر بالمعروف والنهي عن المنكر.
٢ - رواه الترمذي ج ٩ ص ٢٤٧ وحسنه، واحمد ج ٤ ص ١٤٨.
٣ - تمام الخبر كما رواه أحمد في مسنده ج ٣ ص ٤٧٧ باسناده عن كرز بن علقمة الخزاعي قال أتى النبي (صلى الله عليه وآله) أعرابي فقل يا رسول الله هل لهذا الامر من منتهى، قال «نعم فمن أراد الله به خيرا من أعجم أو عرب أدخله عليهم ثم تقع فتن كالظلل يعودون فيها اساود صبا يضرب بعضكم رقاب بعض وأفضل الناس يومئذ مؤمن معتزل في شعب من الشعاب يتقى ربه تعالى ويدع الناس من شره» ورواه البخاري ج ٤ ص ١٨ وابن ماجة تحت رقم ٣٩٧٨ كما في المتن.
٤ - أخرجه أحمد في مسنده من حديث سعد بن أبي وقاص بسند صحيح كما في الجامع الصغير.
٥ - نقله ابن فهد الحلي في عدة الداعي في مبحث الاعتزال عن الناس.
(١٥٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 152 153 154 155 156 157 158 159 160 161 162 ... » »»
الفهرست