شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ١ - الصفحة ١١٢
الأستتار ومنه الجن لاستتاره من الانس والجنون لأنه يستر العقل والجنين لأنه مستور في الرحم والمجنة والجنة بمعنى الترس لانه يستر صاحبه وهي بالرفع عطف على «قطع» في قوله تعالى (وفي الأرض قطع متجاورات) أي بعضها طيبة وبعضها سبخة وبعضها رخوة وبعضها صلبة وبعضها حجر وبعضها رمل وبعضها أبيض وبعضها أسود وبعضها أحمر وبعضها أصفر وبعضها معدن للجواهر المختلفة مثل الياقوت والعقيق والزبرجد والفيروزج والزمرد والذهب والفضة والنحاس والرصاص والحديد وغيرها مما يستعمله الناس في مآربهم وفي هذا أيضا دلالة على المطلوب لأن انقسام الأرض إلى هذه الأقسام واتصافها بهذه الأوصاف مع اتحاد الطبيعة الأرضية في تلك الأقسام وتساوي الأجرام العلوية وأوضاعها بالنسبة إليها دل علي وجود قادر مختار يوجد الأشياء الممكنة على وجه دون وجه (1) بلا ضد ولا ند له وحده لا شريك له (من أعناب وزرع ونخيل) أفرد الزرع لأنه في الأصل مصدر، والنخيل اسم جمع وهما إما مرفوعان معطوفان «على» «جنات» أي في الأرض قطع متجاورات وجنات من أنواع الاعناب وفيها زروع ونخيل أو مجروران معطوفان على «أعناب» أي في الأرض بساتين مشتملة على أنواع الاعناب والزروع والنخيل و (صنوان) أي نخلات أصلها واحد، جمع صنو وهو أو تطلع نخلتان من عرق واحد ومنه الصنو بمعنى المثل كما في قولهم عم الرجل صنو أبيه أي مثله لأنهما خرجا من أصل واحد (وغير صنوان) أي نخلات متفرقات مختلفة أصولها وعروقها، وقرأ حفص بضم الصاد فيهما وهي لغة تميم (يسقى بماء واحد) في الطبيعة والصورة والغرض من ذلك دفع توهم إسناد هذا الأمور والاختلاف إلى الماء، ويسقى بالتذكير في

1 - قوله «على وجه دون وجه» من تدبر في خلق العالم والحكم والمصالح فيه واتقان الصنع في كل شي يراه من هذه المواليد، علم أن الامر ليس على ما يظنه المعطلة والملاحدة وأصحاب الطبايع وليس هذا الاحكام والاتقان في الصنع حاصلا بالبخت والاتفاق كما كان عليه ذيمقراطيس من القدماء وكثير من الإفرنج والمتفرنجة في عصرنا فإن هذه المواد والعناصر التي يتركب منها الإنسان والحيوان والنبات وسائر الأجسام ذوات الخواص يمكن أن ئتركب على أنحاء كثيرة يلحق بغير المتناهى لكثرتها والمفيد الموجود منها واحد من آلاف الملائين، مثلا كل واحد من اللحم والعظم في كل عضو من بدن الإنسان والحيوان مركب من عناصر خاصة على نسبة خاصة لا يحصل من أقل منها ولا من أكثر وليس اختيار واحد من انحاء التراكيب الغير المتناهية إلا من فاعل حكيم عالم بكل شئ لو ادعى صاحب مطبعة أراد طبع كتاب من الحروف المصنوعة أنه ملاء بيتا معينا من ألف ألف حرف من الهمزة إلى الياء غير مرتبة بل ممزوجة مختلفة وأمر عاملا أعمى ودخل البيت وجمع من الحروف ورتبها كما يريد صاحب المطبعة وطبع كتابا خاصا فقبول دعواه مع كونه محالا أسهل من قبول دعوى الفيلسوف الطبيعي الذي يرى تركب أعضاء حيوان من الطبقة السفلى كالخراطين والبراغيث من عناصر كيف اتفق بيد طبيعة عمياء فكيف بسائر المواليد والإنسان خاصة ولا يلزم من ذلك القول بالإرادة الجزافية الحادثة في ذات المبدء بتأثير العلل الممكنة كما يدعيه قدماء المتكلمين وللبحث في ذلك محل آخر (ش).
(١١٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 107 108 109 110 111 112 113 114 115 116 117 ... » »»
الفهرست