شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ١ - الصفحة ١٠٧
علامات سلطانه (والنجوم مسخرات بأمره) قرأهما حفص بالرفع على الابتداء والخبر فيكون تعميما للحكم بعد تخصيصه، ونصب ما قبلهما على المفعولية. وقرئ «الشمس والقمر» بالرفع أيضا ونصب الليل والنهار وحدهما.
والقراءة المشهورة عند الأكثر: نصب جميع الأسماء الستة، وأورد على هذه القراءة بأنه ما الحاجة إلى مسخرات بعد قوله «وسخر لكم» وأجيب عنه بأن نصب الأخيرين بفعل مقدر يعني وجعل النجوم مسخرات بأمره خلقها ودبرها كيف شاء، أو نصب «مسخرات» على الحالية للمفاعيل الخمسة على أن سخر بمعنى صير يعني صير هذه الأشياء الخمسة نافعة لكم، ونفعكم بها حال كونها مسخرات بأمره لما خلقن له أو على المصدرية يعني سخرها لكم أنواعا من التسخير على أن يكون مسخر بمعنى تسخير، كما في قولك سخره مسخرا مثل سرحه مسرحا فجمع لاختلاف الأنواع. وتلك التسخيرات في النجوم اختلاف أشكالها وصورها ونورها ومقاديرها ومواقعها وحركتها كما وكيفا وجهة وتقارنها وتفارقها وتثليثها وتربيعها وتسديسها واستقامتها ورجعتها ووقوفها وظهور بعضها دائما وخفاء بعضها كذلك وظهور بعضها في بعض السنة واحتجابها في بعضها (1) كل ذلك لمصالح كثيرة بعضها معلوم بالضرورة وبعضها بالنظر الصادق، وبعضها لا يعلمه إلا هو. أما ترى أن الثريا والجوزاء والشعريين والسهيل كل ذلك يطلع حينا ويغيب حينا لمصالح معروفة ومنافع مشهورة وفوائد مذكورة ولو كانت بأسرها تظهر في وقت لم يكن لواحد منها على حياله دلالات يعرفها الناس ويهتدون بها لبعض أمورهم كمعرفتهم بما يكون من طلوع الثريا والجوزاء إذا طلعتا ومن احتجابها إذا اجتجبتا فصار ظهور كل واحد منهما في وقت واجتجابه في وقت آخر لينتفع الناس بما يدل كل واحد منهما على حدته وكما جعلت الثريا وأشباهها تظهر حينا وتحجب حينا لضرب من المصلحة، كذلك جعلت بنات النعش ظاهرة لا يغيب لضرب آخر من المصلحة; فإنها بمنزلة الأعلام التي يهتدي بها الناس في البر والبحر للطرق المجهولة وذلك أنها لا تغيب أبدا فهم ينظرون إليها متى أرادوا أن يهتدوا بها إلى حيث توجهوا وصار الأمران جميعا على اختلافهما موجهين نحو الإرب والمصلحة وفيهما مآرب أخرى مع ما في ترددها في كبد السماء مقبلة ومدبرة ومشرقة ومغربة من العبرة لاولي الألباب، وبالجملة خلق الله جل شأنه الإنسان لمعرفته وعبادته

1 - التسديس هو أن يكون بين الكوكبين سدس الدور برجان، والتربيع ان يكون بينهما ربع الدور ثلاثة بروج، والتثليث ثلث الدور أربعة بروج، والاستقامة أن يسير الكوكب من المغرب إلى المشرق أي على التوالي، والرجعة ان يسير من المشرق إلى المغرب على خلاف التوالي وهي خاصة للخمسة المتحيرة، والوقوف أن يتوقف في موضع لا يتحرك منه أياما، وخفاؤها لكونها قريبة من الشمس مختفية بضوئها وظهورها لبعدها عن الشمس فيظهر ليلا. (ش)
(١٠٧)
مفاتيح البحث: الصدق (1)، الوقوف (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 102 103 104 105 106 107 108 109 110 111 112 ... » »»
الفهرست