شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ١ - الصفحة ١١٤
الطاهرة «أن الرعد صوت ملك يزجر السحاب ويسوقه والبرق نار تحدث من حركة سوطه (1)».
وقال بعض العارفين: من سمع هذا الصوت ورأى هذه النار وكان له رؤية قلبية وبصيرة ذهنية علم أن ما نقل عنهم (عليه السلام) حق وصدق (2) (وينزل) قرئ بالتشديد (من السماء ماء فيحيى به الأرض بعد موتها) بأنواع النباتات والحيوانات (إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون) أي يفهمونها ويتدبرون بها في استنباط أسبابها وتكونها، وكيفية ربطها بتلك الأسباب ليظهر لهم كمال قدرة الصانع وحكمته وعلمه بحقائق الأمور خفيها وجليها. وقال (قل تعالوا) أمر من تعالون قال القاضي وصاحب الكشاف: هو من الخاص الذي صار عاما فإن أصله أن يقوله من كان في مكان عال لمن هو أسفل منه ثم اتسع فيه بالتعميم (أتل) مجزوم بشرط مقدر بعد الأمر (ما حرم ربكم) منصوب بأتل «وما» إما موصولة والعايد محذوف أو مصدرية، ويحتمل أن يكون استفهامية منصوبة بحرم بمعنى أتل أي شئ حرم (عليكم) متعلق بأتل أو حرم على سبيل التنازع (أن لا تشركوا به شيئا) «أن» ناصبة «ولا» للنفي والجملة خبرية لفظا وإنشائية معنى بدلا من «ما حرم» أو من العائد المحذوف، ويحتمل أن يكون مفسرة لما حرم ولا للنهي (وبالوالدين إحسانا) أي وأن تحسنوا بمعنى أحسنوا أو أحسنوا بالوالدين إحسانا، فالجملتان المتعاطفتان إنشائيتان معنى فقط، أو لفظا ومعنى جميعا، أو الأولى معنى فقط والثانية لفظا ومعنى، أو بالعكس ويكونان في بعض الوجوه مثل قوله تعالى (وإذ أخذنا ميثاق بني إسرائيل لا تعبدون إلا الله وبالوالدين إحسانا وذي القربى واليتامى والمساكين وقولوا للناس حسنا) فإن لا تعبدون بمعنى لا تعبدوا وبالوالدين بتقدير وتحسنون بهما بمعنى أحسنوا أو بتقدير وأحسنوا بهما. وفي جعلهما خبريتين لفظا وإنشائيتين معنى فائدة لطيفة وهي المبالغة باعتبار أن المخاطب كأنه شرع في الامتثال وهو يخبر عنه، ورد صاحب الكشاف أن يكون «أن» ناصبة «ولا» للنفي بأنه وجب أن يكون «لا تشركوا» نهيا لعطف الأمر عليه وهو قوله تعالى (وبالوالدين إحسانا) لأن التقدير وأحسنوا بالوالدين إحسانا. والجواب عنه يظهر بالتأمل فيما ذكرناه.
بقي ههنا شئ وهو «أن لا تشركوا» وما عطف عليه لا يصح أن يجعل تفسيرا لما حرم لأن كلا من

١ - راجع بحار الأنوار ج ١٤ ص ٢٧٥ إلى 280.
2 - «قوله حق وصدق» ويقول أهل عصرنا ان الرعد والبرق من القوة الكهربائية في طبقات السحاب والشارح جمع بين السبب المادي والعلة الفاعلية الروحانية إذ لا يخالف أحدهما الاخر والسبب المادي معد نظير تأثير الحرارة في ذوب الحديد والعلة الفاعلية هو الله تعالى والملائكة المقربون مأمورون نظير الصانع الماهر الذي يصنع من الحديد المذاب بالحرارة آلات الصنعة والمكائن وغيرها والحرارة علة معدة والفاعل للآلات هو الصانع (ش).
(١١٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 109 110 111 112 113 114 115 116 117 118 119 ... » »»
الفهرست