ويظهر وهو في الغار مستتر ولم ينقض ذلك نبوته، وكذلك الامام يكون إماما و إن كان يستتر بإمامته ممن يخافه على نفسه، ويقال لهم: ما تقولون في أفاضل أصحاب محمد صلى الله عليه وآله؟ والمتقدم في الصدق منهم لو لقيتهم كتيبة المشركين يطلبون نفس النبي صلى الله عليه وآله فلم يعرفوه فسألوهم عنه هل هو هذا؟ وهو بين أيديهم أو كيف أخفى؟ (1) وأين هو؟ فقالوا: ليس نعرف موضعه أوليس هو هذا؟ هل كانوا في ذلك كاذبين مذمومين غير صادقين ولا محمودين أم لا؟ فان قلتم: كاذبين خرجتم من دين الاسلام بتكذيبكم أصحاب النبي صلى الله عليه وآله، وإن قلتم: لا يكون ذلك كذلك لأنهم يكونون قد حرفوا كلامهم و أضمروا معنى أخرجهم من الكذب وإن كان ظاهره ظاهر كذب، فلا يكونون مذمومين بل محمودين لأنهم دفعوا عن نفس النبي صلى الله عليه وآله القتل.
قيل لهم: وكذلك الامام إذا قال: لست بامام ولم يجب أعداءه عما يسألونه عنه لا يزيل ذلك إمامته لأنه خائف على نفسه، وإن أبطل جحده لأعدائه أنه إمام في حال الخوف إمامته أبطل على أصحاب النبي صلى الله عليه وآله أن يكونوا صادقين في إجابتهم المشركين بخلاف ما علموه عند الخوف، وإن لم يزل ذلك صدق الصحابة لم يزل أيضا ستر الامام نفسه إمامته، ولا فرق في ذلك، ولو أن رجلا مسلما وقع في أيدي الكفار وكانوا يقتلون المسلمين إذا ظفروا بهم فسألوه هل أنت مسلم؟ فقال: لا، لم يكن ذلك بمخرج له من الاسلام، فكذلك الامام إذا جحد عند أعدائه ومن يخافه على نفسه أنه إمام لم يخرجه ذلك من الإمامة.
فان قالوا: إن المسلم لم يجعل في العالم ليعلم الناس ويقيم الحدود، فلذلك افترق حكماهما ووجب أن لا يستر الامام نفسه.
قيل لهم: لم نقل إن الامام يستر نفسه (عن جميع الناس) (2) لان الله عز وجل قد نصبه وعرف الخلق مكانه بقول الصادق الذي قبله فيه ونصبه له، وإنما قلنا:
إن الامام لا يقر عند أعدائه بذلك خوفا منهم أن يقتلوه فأما أن يكون مستورا عن