من الكافر المبطل المعاند الملبس على الناس بالأكاذيب والمخاريق و زخرف القول، وصنوف التأويلات للكتاب والاخبار، لان المعاند لا يقبل البرهان.
فان احتج محتج من أهل الالحاد والعناد بالكتاب وأنه الحجة التي يستغنى بها عن الأئمة الهداة لان فيه تبيانا لكل شئ، ولقول الله عز وجل: " ما فرطنا في الكتاب من شئ " (1).
قلنا له: أما الكتاب فهو على ما وصفت، " فيه تبيان كل بشئ " منه منصوص مبين، ومنه ما هو مختلف فيه، فلا بد لنا من مبين يبين لنا ما قد اختلفنا فيه إذ لا يجوز فيه الاختلاف لقوله عز وجل: " ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا (2). ولا بد للمكلفين من مبين يبين ببراهين واضحة تبهر العقول وتلزم بها الحجة، كما لم يكن فيما مضى بد من مبين لكل أمة ما اختلف فيه من كتابها بعد نبيها، ولم يكن ذلك لاستغناء أهل التوراة بالتوراة وأهل الزبور بالزبور و أهل الإنجيل بالإنجيل. وقد أخبرنا الله عز وجل عن هذه الكتب أن فيها هدى ونورا يحكم بها النبيون، وأن فيها حكم ما يحتاجون إليه.
ولكنه عز وجل لم يكلهم إلى علمهم بما فيها، وواتر الرسل إليهم، وأقام لكل رسول علما ووصيا وحجة على أمته، أمرهم بطاعته والقبول منه إلى ظهور النبي الاخر لئلا تكون لهم عليه حجة، وجعل أوصياء الأنبياء حكاما بما في كتبه، فقال تعالى: " يحكم بها النبيون الذين أسلموا للذين هادوا والربانيون والأحبار بما استحفظوا من كتاب الله وكانوا عليه شهداء " (3).