يأخذ حق ضعيفهم من قويهم، وحجة الله عز وجل لا تلزمهم إلا بذلك.
فلما أخبرنا عز وجل أنه قد ختم أنبياءه ورسله بمحمد صلى الله عليه وآله سلمنا لذلك وأيقنا أنه لا رسول بعده، وأنه لا بد لنا ممن يقوم مقامه وتلزمنا حجة الله به، وتنزاح به علتنا لان الله عز وجل قال في كتابه لرسوله صلى الله عليه وآله: " إنما أنت منذر ولكل قوم هاد " (1) ولان الحاجة منا إلى ذلك دائمة فينا ثابتة إلى انقضاء الدنيا وزوال التكليف والأمر والنهي عنا فإن ذلك الهادي لا يكون مثل حالنا في الحاجة إلى من يقومه ويؤدبه ويهديه إلى الحق، ولا يحتاج إلى مخلوق منا في شئ من علم الشريعة ومصالح الدين والدنيا، بل مقومه وهاديه الله عز وجل بما يلهمه كما ألهم أم موسى عليه السلام، وهداها إلى ما كان فيه نجاتها ونجاة موسى عليه السلام من فرعون وقومه فعلم الإمام عليه السلام كله من الله عز وجل ومن رسول الله صلى الله عليه وآله فبذلك يكون عالما بما في الكتاب المنزل وتنزيله وتفسيره وتأويله ومعانيه وناسخه ومنسوخه، ومحكمه ومتشابهه، وحلاله وحرامه، وأوامره و زواجره، ووعده ووعيده، وأمثاله وقصصه، لا برأي وقياس. كما قال الله عز وجل: " ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الامر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم " (2).
والدليل على ذلك ما اجتمعت الأمة على نقله من قول رسول الله صلى الله عليه وآله: إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا كتاب الله عز وجل وعترتي أهل بيتي وإنهما لن يفترقا حتى يردا على الحوض ".