الاحياء فقد أنكر الأموات ".
وسأخرج ذلك في هذا الكتاب مسندا في موضعه إن شاء الله، فصح أن قوله عز وجل: " وعلم آدم الأسماء كلها " أراد به أسماء الأئمة عليهم السلام، وللأسماء معان كثيرة وليس أحد معانيها بأولى من الاخر، وللأسماء أوصاف وليس أحد الأوصاف بأولى من الاخر، فمعنى الأسماء أنه سبحانه علم آدم عليه السلام أوصاف الأئمة كلها أولها وآخرها، ومن أوصافهم العلم والحلم والتقوى والشجاعة والعصمة والسخاء والوفاء، وقد نطق بمثله كتاب الله عز وجل في أسماء الأنبياء عليهم السلام كقوله عز وجل:
" واذكر في الكتاب إبراهيم إنه كان صديقا نبيا " (1) " واذكر في الكتاب إسماعيل إنه كان صادق الوعد وكان رسولا نبيا وكان يأمر أهله بالصلاة والزكاة وكان عند ربه مرضيا * واذكر في الكتاب إدريس إنه كان صديقا نبيا ورفعناه مكانا عليا " (2) و كقوله عز وجل: " واذكر في الكتاب موسى إنه كان مخلصا وكان رسولا نبيا * وناديناه من جانب الطور الأيمن وقر بناه نجيا * ووهبنا له من رحمتنا أخاه هارون نبيا " (3) فوصف الرسل عليهم السلام وحمدهم بما كان فيهم من الشيم المرضية والأخلاق الزكية، وكان ذلك أوصافهم وأسماءهم كذلك علم الله عز وجل آدم الأسماء كلها.
والحكمة في ذلك أيضا أنه لا وصول إلى الأسماء ووجوه الاستعبادات إلا من طريق السماع، والعقل غير متوجه إلى ذلك، لأنه لو أبصر عاقل شخصا من بعيد أو قريب لما توصل إلى استخراج اسمه ولا سبيل إليه إلا من طريق السماع فجعل الله عز وجل العمدة في باب الخليفة السماع، ولما كان كذلك أبطل به باب الاختيار إذ الاختيار من طريق الآراء، وقضية الخليفة موضوعة على الأسماء والأسماء موضوعة على السماع، فصح به ومعه مذهبنا في الامام أنه يصح بالنص والإشارة، فأما باب الإشارة فمضمر في قوله عز وجل: " ثم عرضهم على الملائكة " فباب العرض مبني على الشخص والإشارة، وباب الاسم مبني على السمع، فصح معنى الإشارة والنص جميعا.