كما قد وجدنا من ذلك في حجج الله المتقدمة من عصر وفاة آدم عليه السلام إلى حين زماننا هذا منهم المستخفون ومنهم المستعلنون، بذلك جاءت الآثار ونطق الكتاب.
فمن ذلك ما:
حدثنا به أبي - رحمه الله - قال: حدثنا سعد بن عبد الله قال: حدثنا أحمد بن - محمد بن خالد البرقي، عن أبيه، عن محمد بن سنان، عن إسحاق بن جرير، عن عبد الحميد ابن أبي الديلم قال: قال الصادق جعفر بن محمد عليهما السلام: يا عبد الحميد إن لله رسلا مستعلنين ورسلا مستخفين فإذا سألته بحق المستعلنين فسله بحق المستخفين.
وتصديق ذلك من الكتاب قوله تعالى: " ورسلا قد قصصناهم عليك من قبل و رسلا لم نقصصهم عليك وكلم الله موسى تكليما " (1) فكانت حجج الله تعالى كذلك من وقت وفاة آدم عليه السلام إلى وقت ظهور إبراهيم عليه السلام أوصياء مستعلنين ومستخفين، فلما كان وقت كون إبراهيم عليه السلام ستر الله شخصه وأخفى ولادته، لان الامكان في ظهور الحجة كان متعذرا في زمانه، وكان إبراهيم عليه السلام في سلطان نمرود مستترا لامره و كان غير مظهر نفسه، ونمرود يقتل أولاد رعيته وأهل مملكته في طلبه إلى أن دلهم إبراهيم عليه السلام على نفسه، وأظهر لهم أمره بعد أن بلغت الغيبة أمدها ووجب إظهار ما أظهره للذي أراده الله في إثبات حجته وإكمال دينه، فلما كان وقت وفاة إبراهيم عليه السلام كان له أوصياء حججا لله عز وجل في أرضه يتوارثون الوصية كذلك مستعلنين ومستخفين إلى وقت كون موسى عليه السلام فكان فرعون يقتل أولاد بني إسرائيل في طلب موسى عليه السلام الذي قد شاع من ذكره وخبر كونه، فستر الله ولادته، ثم قذفت به أمه في اليم كما أخبر الله عز وجل في كتابه " فالتقطه آل فرعون " (2) وكان موسى عليه السلام في حجر فرعون يربيه وهو لا يعرفه، وفرعون يقتل أولاد بني إسرائيل في طلبه، ثم كان من أمره بعد أن أظهر دعوته ودلهم على نفسه ما قد قصه الله عز وجل في كتابه، فلما كان وقت