على استحياء قالت إن أبي يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا. فروي أن موسى عليه السلام قال لها: وجهني إلى الطريق وامشي خلفي فإنا بنو يعقوب لا ننظر في أعجاز النساء " فلما جاءه وقص عليه القصص قال: لا تخف نجوت من القوم الظالمين * قالت إحديهما يا أبت استأجره إن خير من استأجرت القوي الأمين * قال إني أريد أن أنكحت إحدى ابنتي هاتين على أن تأجرني ثماني حجج فإن أتممت عشرا فمن عندك ". فروي أنه قضى أتمهما لان الأنبياء عليهم السلام لا يأخذون إلا بالفضل والتمام. فلما قضي موسى الاجل وسار بأهله نحو بيت المقدس أخطأ عن الطريق ليلا فرأي نارا فقال لأهله: امكثوا إني آنست نارا لعلى آتيكم منها بقبس أو بخبر من الطريق، فلما انتهى إلى النار إذا شجرة تضطرم (1) من أسفلها إلى أعلاها، فلما دنا منها تأخرت عنه فرجع وأوجس في نفسه خيفة، ثم دنت منه الشجرة فنودي من شاطئ الوادي الأيمن في البقعة المباركة من الشجرة أن يا موسى إني أنا الله رب العالمين، وأن ألق عصاك فلما رآها تهتز كأنها جان ولى مدبر أولم يعقب فإذا حية مثل الجذع لأسنانها (2) صرير يخرج منها مثل لهب النار، فولى موسى مدبرا فقال له ربه عز وجل: ارجع فرجع وهو يرتعد وركبتاه تصطكان، فقال: يا إلهي هذا الكلام الذي أسمع كلامك؟ قال: نعم فلا تخف، فوقع عليه الأمان فوضع رجله على ذنبها، ثم تناول لحييها فإذا يده في شعبة العصا قد عادت عصا، وقيل له: اخلع نعليك إنك بالواد المقدس طوي.
فروى أنه أمر بخلعهما لأنهما كانتا من جلد حمار ميت.
(وروي في قوله عز وجل " فاخلع نعليك " أي خوفيك: خوفك من ضياع أهلك وخوفك من فرعون).
ثم أرسله الله عز وجل إلى فرعون وملائه بآيتين بيده والعصا. فروي عن الصادق عليه السلام أنه قال لبعض أصحابه: كن لما لا ترجوا أرجى منك لما ترجو، فإن موسى