رأسه فعرفه بالصفة فقال له: ما اسمك يرحمك الله؟ قال: موسى، قال: ابن من؟ قال: ابن - عمران، قال: فوثب إليه الشيخ فأخذ بيده فقبلها وثاروا إلى رجله فقبلوها فعرفهم وعرفوه واتخذ شيعة.
فمكث بعد ذلك ما شاء الله، ثم خرج فدخل مدينة لفرعون فيها رجل من شيعته يقاتل رجلا من آل فرعون من القبط، فاستغاثه الذي من شيعته على الذي من عدوه القبطي فوكزه موسى فقضي عليه، وكان موسى عليه السلام قد أعطى بسطة في الجسم وشدة في البطش، فذكره الناس وشاع أمره، وقالوا: إن موسى قتل رجلا من آل فرعون فأصبح في المدينة خائفا يترقب فلما أصبحوا من الغد إذا الرجل الذي استنصره بالأمس يستصرخه على آخر، فقال له موسى: إنك لغوي مبين، بالأمس رجل واليوم رجل " فلما أراد أن يبطش بالذي هو عدولهما قال يا موسى أتريد أن تقتلني كما قتلت نفسا بالأمس إن تريد إلا أن تكون جبارا في الأرض وما تريد أن تكون من المصلحين * وجاء رجل من أقصى المدينة يسعى قال يا موسى إن الملا يأتمرون بك ليقتلوك فاخرج إني لك من الناصحين * فخرج منها خائفا يترقب " (1) فخرج من مصر بغير ظهر (2) ولا دابة ولا خادم، تخفضه أرض وترفعه أخرى حتى انتهى إلى أرض مدين، فانتهى إلى أصل شجرة فنزل فإذا تحتها بئر وإذا عندها أمة من الناس يسقون، وإذا جاريتان ضعيفتان، وإذا معهما غنيمة لهما، قال: ما خطبكما قالتا: أبونا شيخ كبير ونحن جاريتان ضعيفتان لا نقدر أن نزاحم الرجال فإذا سقى الناس سقينا، فرحمهما موسى عليه السلام فأخذ دلوهما وقال لهما: قد ما غنمكما فسقى لهما، ثم رجعتا بكرة قبل الناس، ثم تولى موسى إلى الشجرة فجلس تحتها، " فقال رب إني لما أنزلت إلى من خير فقير " - فروي أنه قال ذلك وهو محتاج إلى شق تمرة - فلما رجعتا إلى أبيهما قال: ما أعجلكما في هذه الساعة؟
قالتا: وجدنا رجلا صالحا رحمنا فسقي لنا، فقال لإحداهما إذهبي فادعيه لي فجاءته تمشي