ووقع على أم موسى (1) فحملت، فوضع على أم موسى قابلة تحرسها فإذا قامت قامت و إذا قعدت قعدت، فلما حملته أمه وقعت عليها المحبة وكذلك حجج الله على خلقه، فقالت لها القابلة: مالك يا بنية تصفرين وتذوبين؟ قال: لا تلوميني فإني إذا ولدت اخذ ولدي فذبح، قالت: لا تخزني فإني سوف أكتم عليك، فلم تصدقها، فلما أن ولدت التفت إليها وهي مقبلة فقالت: ما شاء الله، فقالت لها: ألم أقل: إني سوف أكتم عليك، ثم حلمته فأدخلته المخدع (2) وأصلحت أمره، ثم خرجت إلى الحرس فقالت: انصرفوا - و كانوا على الباب - فإنما خرج دم منقطع فانصرفوا، فأرضعته فلما خافت عليه الصوت أوحى الله إليه أن اعملي التابوت، ثم اجعليه فيه، ثم أخرجيه ليلا فاطر حيه في نيل مصر فوضعته في التابوت، ثم دفعته في اليم، فجعل يرجع إليها وجعلت تدفعه في الغمر، و إن الريح ضربته فانطلقت به، فلما رأته قد ذهب به الماء همت أن تصبح فربط الله على قلبها.
قال: وكانت المرأة الصالحة امرأة فرعون وهي من بني إسرائيل، قالت لفرعون: إنها أيام الربيع فأخرجني واضرب لي قبة على شط النيل حتى أتنزه هذه الأيام، فضربت لها قبة على شط النيل إذ أقبل التابوت يريدها، فقالت: هل ترون ما أري على الماء؟ قالوا: إي والله يا سيدتنا إنا لنري شيئا، فلما دنا منها ثارت إلى الماء فتناولته بيدها وكاد الماء يغمرها حتى تصايحوا عليها فجذبته وأخرجته من الماء فأخذته فوضعته في حجرها، فإذ ا هو غلام أجمل الناس وأستر هم فوقعت عليها منه محبة، فوضعته في حجرها وقالت: هذا ابني، فقالوا: إي والله يا سيدتنا والله مالك ولد ولا للملك فاتخذي هذا ولدا، فقامت إلى فرعون وقالت: إني أصبت غلاما طيبا حلوا نتخذه ولدا فيكون قرة عين لي ولك فلا تقتله، قال: ومن أين هذا الغلام؟ قالت: والله ما أدري إلا أن الماء جاء به، فلم تزل به حتى رضي، فلما سمع الناس أن الملك قد تبنى ابنا لم يبق أحد من رؤوس من كان مع فرعون إلا بعث إليه امرأته لتكون له ظئرا أو تحضنه