فكتب إليهم: بسم الله الرحمن الرحيم، أما بعد فلا تخوضوا في القرآن، ولا تجادلوا فيه، ولا تتكلموا فيه بغير علم، فقد سمعت جدي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: من قال في القرآن بغير علم فليتبوء مقعده من النار، وإن الله سبحانه قد فسر الصمد فقال: (الله أحد. الله الصمد) ثم فسره فقال: (لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد). (لم يلد) لم يخرج منه شئ كثيف كالولد وسائر الأشياء الكثيفة التي تخرج من المخلوقين، ولا شئ لطيف كالنفس، ولا يتشعب منه البدوات كالسنة والنوم و الخطرة والهم والحزن والبهجة والضحك والبكاء والخوف والرجاء والرغبة والسأمة والجوع والشبع، تعالى أن يخرج منه شئ، وأن يتولد منه شئ كثيف أو لطيف.
(ولم يولد) لم يتولد من شئ ولم يخرج من شئ كما يخرج الأشياء الكثيفة من عناصرها كالشئ من الشئ والدابة من الدابة والنبات من الأرض والماء من الينابيع و الثمار من الأشجار، ولا كما يخرج الأشياء اللطيفة من مراكزها كالبصر من العين والسمع من الأذن والشم من الأنف والذوق من الفم (1) والكلام من اللسان والمعرفة والتميز من القلب (2) وكالنار من الحجر، لا بل هو الله الصمد الذي لا من شئ ولا في شئ ولا على شئ، مبدع الأشياء وخالقها ومنشئ الأشياء بقدرته، يتلاشى ما خلق للفناء بمشيته، ويبقى ما خلق للبقاء بعلمه (3) فذلكم الله الصمد الذي لم يلد ولم يولد، عالم الغيب والشهادة الكبير المتعال، ولم يكن له كفوا أحد.