أبدا، وذلك قوله عز وجل: ﴿ولئن شئنا لنذهبن بالذي أوحينا إليك﴾ (١) فهو يعلم كيف يذهب به وهو لا يذهب به أبدا، قال سليمان: لأنه قد فرغ من الأمر فليس يزيد فيه شيئا (٢) قال الرضا عليه السلام: هذا قول اليهود، فكيف قال عز وجل:
(ادعوني أستجب لكم) (٣) قال سليمان: إنما عني بذلك أنه قادر عليه، قال عليه السلام: أفيعد ما لا يفي به؟! فكيف قال عز وجل: ﴿يزيد في الخلق ما يشاء﴾ (٤) و قال عز وجل: ﴿يمحوا الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب﴾ (5) وقد فرغ من الأمر، فلم يحر جوابا.
قال الرضا عليه السلام: يا سليمان هل يعلم أن إنسانا يكون ولا يريد أن يخلق إنسانا أبدا، وأن إنسانا يموت اليوم ولا يريد أن يموت اليوم؟ قال سليمان: نعم قال الرضا عليه السلام: فيعلم أنه يكون ما يريد أن يكون أو يعلم أنه يكون ما لا يريد أن يكون؟! قال: يعلم أنهما يكونان جميعا، قال الرضا عليه السلام: إذن يعلم أن إنسانا حي ميت، قائم قاعد، أعمى بصير في حال واحدة، وهذا هو المحال، قال:
جعلت فداك فإنه يعلم أنه يكون أحدهما دون الآخر، قال عليه السلام: لا بأس، فأيهما يكون، الذي أراد أن يكون أو الذي لم يرد أن يكون، قال سليمان: الذي أراد أن يكون، فضحك الرضا عليه السلام والمأمون وأصحاب المقالات. قال الرضا عليه السلام:
غلطت وتركت قولك: إنه يعلم أن إنسانا يموت اليوم وهو لا يريد أن يموت اليوم وأنه يخلق خلقا وهو لا يريد أن يخلقهم، فإذا لم يجز العلم عندكم بما لم يرد أن يكون فإنما يعلم أن يكون ما أراد أن يكون (6).