التوحيد - الشيخ الصدوق - الصفحة ٤٥٢
أبدا، وذلك قوله عز وجل: ﴿ولئن شئنا لنذهبن بالذي أوحينا إليك﴾ (١) فهو يعلم كيف يذهب به وهو لا يذهب به أبدا، قال سليمان: لأنه قد فرغ من الأمر فليس يزيد فيه شيئا (٢) قال الرضا عليه السلام: هذا قول اليهود، فكيف قال عز وجل:
(ادعوني أستجب لكم) (٣) قال سليمان: إنما عني بذلك أنه قادر عليه، قال عليه السلام: أفيعد ما لا يفي به؟! فكيف قال عز وجل: ﴿يزيد في الخلق ما يشاء﴾ (٤) و قال عز وجل: ﴿يمحوا الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب﴾ (5) وقد فرغ من الأمر، فلم يحر جوابا.
قال الرضا عليه السلام: يا سليمان هل يعلم أن إنسانا يكون ولا يريد أن يخلق إنسانا أبدا، وأن إنسانا يموت اليوم ولا يريد أن يموت اليوم؟ قال سليمان: نعم قال الرضا عليه السلام: فيعلم أنه يكون ما يريد أن يكون أو يعلم أنه يكون ما لا يريد أن يكون؟! قال: يعلم أنهما يكونان جميعا، قال الرضا عليه السلام: إذن يعلم أن إنسانا حي ميت، قائم قاعد، أعمى بصير في حال واحدة، وهذا هو المحال، قال:
جعلت فداك فإنه يعلم أنه يكون أحدهما دون الآخر، قال عليه السلام: لا بأس، فأيهما يكون، الذي أراد أن يكون أو الذي لم يرد أن يكون، قال سليمان: الذي أراد أن يكون، فضحك الرضا عليه السلام والمأمون وأصحاب المقالات. قال الرضا عليه السلام:
غلطت وتركت قولك: إنه يعلم أن إنسانا يموت اليوم وهو لا يريد أن يموت اليوم وأنه يخلق خلقا وهو لا يريد أن يخلقهم، فإذا لم يجز العلم عندكم بما لم يرد أن يكون فإنما يعلم أن يكون ما أراد أن يكون (6).

(١) الإسراء: ٨٦.
(٢) في نسخة (د) و (ب) (فليس يريد فيه شيئا) وفي نسخة (ط) (فليس يريد منه شيئا).
(٣) المؤمن: ٦٠.
(٤) فاطر: ١.
(٥) الرعد: ٣٩.
(6) حاصل الكلام من قوله عليه السلام: يا سليمان هل يعلم أن انسانا يكون إلى هنا أنه هل يتعلق علمه تعالى بنسبة قضية ولا يتعلق إرادته بها، فأقر سليمان بذلك، فثبت مطلوبه عليه السلام الذي هو عدم اتحادهما، لكنه أقر بالحق في غير موضعه من حيث لا يشعر (كأنه اختبط واختلط من كثرة الحجاج في المجلس) لأن المثالين مجمعهما، إذ علمه تعالى بموت إنسان يستلزم إرادته، وبكون إنسان يستلزم إرادة خلقه، ومورد التخلف الأمثلة التي ذكرها عليه السلام من قبل، ثم أراد عليه السلام أن ينبهه على غلطه فقال: فيعلم أنه يكون ما يريد - الخ، والقسمة لعلمه بكون ما يريد وما لا يريد تقتضي صورا أربعا: يعلم أنه يكون ما يريد أن يكون فقط، يعلم أنه يكون ما لا يريد أن يكون فقط، يعلمهما جميعا، لا يعلمهما، والصورة الثانية هي ما ينطبق عليه المثالان، والأخيرة محال، والثالثة محال أيضا لما قال عليه السلام: إذن يعلم أن انسانا حي ميت - الخ، ومنطبقة المثالين أيضا محال لما قلنا، وسليمان بصرافة فطرته تركها واختار الصورة الأولى حيث قال: (الذي أراد أن يكون) بعد أن قال عليه السلام: (لا بأس فيهما يكون - الخ).
(٤٥٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 447 448 449 450 451 452 453 454 455 456 457 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 بيانه في سبب تأليف الكتاب. 17
2 بيانه في شروط لا إله إلا الله. 25
3 بيانه في شرط دخول العاصي الجنة. 26
4 بيانه في أو لم ينظروا في ملكوت السماوات والأرض - الخ ". 27
5 بيانه في معنى الإرادتين. 65
6 بيانه في نفي التشبيه عنه تعالى من جميع الجهات. 80
7 بيانه في معنى الواحد والتوحيد والموحد. 84
8 بيانه في قوله تعالى: " قال رب أرني أنظر إليك - الخ ". 119
9 بيانه في معنى الرؤية الواردة في الأخبار. 120
10 بيانه في معنى قوله تعالى: " فلما تجلى ربه للجبل - الخ ". 120
11 بيانه في إن أخبار الرؤية صحيحة. 122
12 بيانه في قدرته تعالى. 125
13 بيانه في معنى هو تعالى نور و تفسير ظلين 129
14 بيانه في معنى قدرته تعالى. 131
15 بيانه في الدليل على أنه تعالى قادر. 134
16 بيانه في كونه تعالى عالما. 135
17 بيانه في الدليل على أنه تعالى عالم. 137
18 بيانه في إرادته تعالى لفعل العبد. 143
19 بيانه في صفات الذات و صفات الأفعال. 148
20 بيانه في معنى السبع المثاني. 151
21 بيانه في خلق الله تعالى آدم على صورته. 152
22 بيانه في قوله تعالى (لما خلقت بيدي استكبرت) 154
23 بيانه في قوله تعالى: " يوم يكشف عن ساق ". 155
24 بيانه في قوله تعالى: " الله نور السماوات و الأرض - الخ ". 155
25 بيانه في معنى تركه تعالى. 160
26 بيانه في معنى قول أمير المؤمنين (ع) أنا قلب الله، أنا عين الله. 164
27 بيانه في معنى قوله عليه السلام: أنا جنب الله. 165
28 بيانه في معنى قوله عليه السلام: أنا عبد من عبيد محمد. 175
29 بيانه في الدليل على أنه تعالى ليس في مكان. 178
30 بيانه في تفسير أسماء الله تعالى. 195
31 بيانه في تفسير قوله تعالى: " تبارك الذي نزل الفرقان - الخ ". 217
32 بيانه في إن صفاته تعالى عين ذاته. 223
33 بيانه في خلق القرآن و حدوث كلامه تعالى. 225
34 بيانه في معنى أن القرآن غير مخلوق. 229
35 بيانه في ترك حي على خير العمل للتقية. 241
36 بيانه في معنى أنه تعالى على العرش. 250
37 بيانه في معني أنه تعالى يري أولياءه نفسه. 250
38 بيانه في أدلة توحيد الصانع. 269
39 بيانه في معنى اعرفوا الله بالله. 290
40 بيانه في طبقات الأنبياء. 291
41 بيانه في أدلة حدوث الأجسام و أن لها محدثا. 298
42 بيانه في مأخذ علم الأئمة عليهم السلام. 309
43 بيانه في معنى استوى على العرش. 317
44 بيانه في معنى البداء له تعالى. 335
45 بيانه في الاستطاعة. 345
46 بيانه في مشية الله تعالى و إرادته. 346
47 بيانه في حديث " الشقي من شقي - الخ ". 356
48 بيانه في معنى مشيئته تعالى و قدره و قضائه. 370
49 بيانه في تفسير الرزق. 373
50 بيانه في تفسير الأجل. 378
51 بيانه في معاني القضاء و الفتنة. 384
52 بيانه في معنى السعر و الرخص والغلاء. 389
53 بيانه في وجه العدل وعدله تعالى في الأطفال. 395
54 بيانه في شرط دخول المذنب الجنة. 410
55 بيانه في معنى الهداية والضلالة. 413
56 بيانه في علة إرادته تعالى بالعبد سوءا. 415
57 بيانه في سبب جلب المأمون متكلمي الفرق على الرضا عليه السلام. 454