عقابه، والعالمون: الناس (الذي له ملك السماوات والأرض ولم يتخذ ولدا) كما قالت النصارى إذ أضافوا إليه الولد كذبا عليه وخروجا من توحيده (ولم يكن له شريك في الملك وخلق كل شئ فقدره تقديرا) يعني: أنه خلق الأشياء كلها على مقدار يعرفه وأنه لم يخلق شيئا من ذلك على سبيل سهو ولا غفلة ولا على تنحيب (1) ولا على مجازفة، بل على المقدار الذي يعلم أنه صواب من تدبيره وأنه استصلاح لعباده في أمر دينهم وأنه عدل منه على خلقه لأنه لو لم يخلق ذلك على مقدار يعرفه على سبيل ما وصفناه لوجد في ذلك التفاوت والظلم والخروج عن الحكمة وصواب التدبير إلى العبث والظلم والفساد كما يوجد مثل ذلك في فعل خلقه الذين ينحبون في أفعالهم ويفعلون من ذلك ما لا يعرفون مقداره، ولم يعن بذلك أنه خلق لذلك تقديرا يعرف به مقدار ما يفعله ثم فعل أفعاله بعد ذلك، لأن ذلك إنما يوجد من فعل من لا يعلم مقدار ما يفعله إلا بهذا التقدير وهذا التدبير، والله سبحانه لم يزل عالما بكل شئ، وإنما عنى بقوله: فقدره تقديرا أي فعل ذلك على مقدار يعرفه - على ما بيناه - وعلى أن يقدر أفعاله لعباده بأن يعرفهم مقدارها ووقت كونها و مكانها الذي يحدث فيه ليعرفوا ذلك، وهذا التقدير من الله عز وجل كتاب وخبر كتبه الله لملائكته وأخبرهم به ليعرفوه، فلما كان كلامه لم يوجد إلا على مقدار يعرفه لئلا يخرج عن حد الصدق إلى الكذب وعن حد الصواب إلى الخطأ، وعن حد البيان إلى التلبيس، كان ذلك دلالة على أن الله قد قدره على ما هو به وأحكمه وأحدثه فلهذا صار محكما لا خلل فيه ولا تفاوت ولا فساد.
10 حدثنا غير واحد، قالوا: حدثنا محمد بن همام، عن علي بن الحسين (2).