ومن أشفق من النار اجتنب المحرمات، ومن
زهد في الدنيا استهان بالمصيبات، ومن ارتقب
الموت سارع إلى الخيرات. واليقين منها على أربع شعب: على تبصرة الفطنة، وتأول الحكمة (1)، وموعظة العبرة، وسنة الأولين. فمن تبصر في الفطنة تبينت له الحكمة، ومن تبينت له الحكمة عرف العبرة، ومن عرف العبرة فكأنما كان في الأولين. والعدل منها على أربع شعب: على غائص الفهم، وغور العلم، وزهرة الحكم (2)، ورساخة الحلم. فمن فهم علم غور العلم، ومن علم غور العلم صدر عن شرائع الحكم (3)، ومن حلم لم يفرط في أمره وعاش في الناس حميدا. والجهاد منها على أربع شعب: على
الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، والصدق في المواطن (4)، وشنآن الفاسقين، فمن
أمر بالمعروف شد ظهور المؤمنين، ومن نهى عن المنكر أرغم أنوف
المنافقين، ومن
صدق ____________________
(1) تأول الحكمة: الوصول إلى دقائقها. والعبرة: الاعتبار والاتعاظ بأحوال الأولين وما رزئوا به عن الغفلة وما حظوا به عند الانتباه (2) غور العلم: سره وباطنه. وزهرة الحكم بضم الزاي أي حسنه (3) الشرائع: جمع شريعة وهي الظاهر المستقيم من المذاهب ومورد الشاربة. وصدر عنها أي رجع عنها بعد ما اغترف ليفيض على الناس مما اغترف فيحسن حكمه (4) مواطن القتال في سبيل الحق. والشنآن بالتحريك البغض