تبغي لهم الشفاء (1) وتستوضف لهم
الأطباء. لم ينفع أحدهم إشفاقك (2) ولم تسعف فيه بطلبتك. ولم تدفع عنهم بقوتك. قد مثلت لك به الدنيا نفسك (3) وبمصرعه مصرعك. إن الدنيا دار
صدق لمن صدقها، ودار عافية لمن فهم عنها، ودار
غنى لمن تزود منها (4)، ودار موعظة لمن اتعظ بها.
مسجد أحباء الله، ومصلى ملائكة الله، ومهبط وحي الله ومتجر أولياء الله. اكتسبوا فيها الرحمة، وربحوا فيها الجنة. فمن ذا يذمها وقد آذنت ببينها (5)، ونادت بفراقها، ونعت نفسها وأهلها فمثلت لهم ببلائها البلاء، وشوقتهم بسرورها إلى السرور راحت بعافية (6) وابتكرت بفجيعة. ترغيبا وترهيبا، وتخويفا وتحذيرا، فذمها رجال غداة الندامة (7)، وحمدها آخرون
يوم القيامة. ذكرتهم الدنيا فتذكروا، وحدثتهم فصدقوا، ووعظتهم فاتعظوا
____________________
خدمه في مرضه (1) الضمير في لهم يعود على الكثير المفهوم من كم. واستوصف الطبيب: طلب منه وصف الدواء بعد تشخيص الداء (2) إشفاقك: خوفك. والطلبة بالكسر: المطلوب. وأسعفه بمطلوبة: أعطاه إياه على ضرورة إليه (3) أي أن الدنيا جعلت الهالك قبلك مثالا لنفسك تقيسها عليه (4) أي أخذ منها زاده للآخرة (5) آذنت بمد الهمزة أي أعلمت أهلها ببينها أي ببعدها وزوالها عنهم. ونعاه إذا أخبر بفقده. والدنيا أخبرت بفنائها وفناء أهلها بما ظهر من أحوالها (6) راح إليه: وافاه وقت العشي، أي أنها تمشي بعافية وتبتكر أي تصبح بفجيعة أي بمصيبة فاجعة (7) أي ذموها عندما أصبحوا نادمين على ما فرطوا فيها أما الذين حمدوها فهم