﴿ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق وأنت خير الفاتحين﴾ (1).
* * * قال الجاحظ ولأبي بكر في ذلك اليوم مقام مشهور، خرج ابنه عبد الرحمن فارسا مكفرا (2) في الحديد، يسال المبارزة، ويقول انا عبد الرحمن بن عتيق فنهض إليه أبو بكر يسعى بسيفه، فقال له النبي صلى الله عليه وآله (شم سيفك وارجع إلى مكانك، ومتعنا بنفسك (3)).
* * * قال شيخنا أبو جعفر رحمه الله ما كان أغناك يا أبا عثمان عن ذكر هذا المقام المشهور لأبي بكر، فإنه لو تسمعه الامامية لأضافته إلى ما عندها من المثالب، لان قول النبي صلى الله عليه وآله (ارجع) دليل على أنه لا يحتمل مبارزة أحد، لأنه إذا لم يحتمل مبارزة ابنه، وأنت تعلم حنو الابن على الأب وتبجيله له، وإشفاقه عليه وكفه عنه، لم يحتمل مبارزة الغريب الأجنبي.
وقوله له (ومتعنا بنفسك)، إيذان له بأنه كان يقتل لو خرج، ورسول الله كان أعرف به من الجاحظ، فأين حال هذا الرجل من حال الرجل الذي صلى بالحرب، ومشى إلى السيف بالسيف، فقتل السادة والقادة والفرسان والرجالة.
* * * قال الجاحظ على أن أبا بكر - وان لم تكن آثاره في الحرب كآثار غيره - فقد بذل الجهد، وفعل ما يستطيعه وتبلغه قوته، وإذا بذل المجهود فلا حال أشرف من حاله (4).