شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ١٣ - الصفحة ٢٩٨
ولكن العرق نبوض (1)، والرحم عروض، وإذا قضيت حق العمومة، فلا أبالي بعد إن هذا الرجل - يعنى عثمان - قد جاءني مرارا بحديثك، وناظرني ملاينا ومخاشنا في امرك، ولم أجد عليك الا مثل ما أجد منك عليه، ولا رأيت منه لك الا مثل ما أجد منك له، ولست تؤتى من قلة علم، ولكن من قلة قبول، ومع هذا كله فالرأي الذي أودعك به أن تمسك عنه لسانك ويدك، وهمزك وغمزك، فإنه لا يبدؤك ما لم تبدأه، ولا يجيبك عما لم يبلغه، وأنت المتجني وهو المتأني، وأنت العائب وهو الصامت. فان قلت كيف هذا وقد جلس مجلسا انا به أحق، فقد قاربت ولكن ذاك بما كسبت يداك، ونكص عنه عقباك، لأنك بالأمس الأدنى، هرولت إليهم تظن انهم يحلون جيدك، ويختمون إصبعك، ويطأون عقبك، ويرون الرشد بك، ويقولون لا بد لنا منك، ولا معدل لنا عنك، وكان هذا من هفواتك الكبر، وهناتك التي ليس لك منها عذر، والآن بعد ما ثللت عرشك بيدك، ونبذت رأي عمك في البيداء يتدهده (2) في السافياء (3)، خذ بأحزم مما يتوضح به وجه الامر لا تشار (4) هذا الرجل ولا تماره (5)، ولا يبلغنه عنك ما يحنقه عليك، فإنه إن كاشفك أصاب أنصارا، وإن كاشفته لم تر الا ضرارا، ولم تستلج (6) الا عثارا، واعرف من هو بالشام له، ومن هاهنا حوله من يطيع امره، ويمتثل قوله، لا تغتر بالناس يطيفون بك، ويدعون الحنو عليك والحب لك، فإنهم بين مولى جاهل، وصاحب متمن، وجليس يرعى العين ويبتدر المحضر، ولو ظن الناس بك ما تظن بنفسك لكان الامر لك، والزمام في يدك، ولكن هذا حديث يوم مرض رسول الله صلى الله عليه وآله فات، ثم حرم الكلام فيه حين مات، فعليك الان بالعزوف عن شئ عرضك

(1) كذا في ا، ونبوض: من نبض العرق ينبض نبوضا، وهو ضرباته وفي ب: (يبوض).
(2) يتدهده: يتدحرج.
(3) السافياء: الريح التي تحمل التراب.
(4) يقال: شاراه مشاراة، إذا لاجه.
(5) تماره: تجادله.
(6) تستلج: تدخل.
(٢٩٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 293 294 295 296 297 298 299 300 301 302 303 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 224 - من كلام له عليه السلام في وصف بيعته بالخلافة 3
2 225 - من خطبة له عليه السلام يحث فيها على التقوى ويستطرد إلى وصف الزهاد 5
3 226 - من خطبة له عليه السلام كلم به عبد الله بن زمعة على إثر خلافته 9
4 227 - من كلام له عليه السلام كلم به عبد الله بن زمعة على إثر خلافته 10
5 228 - من كلام له عليه السلام في وصف اللسان، واستطرد إلى وصف زمانه 12
6 ذكر من أرتج عليهم أو حصروا عند الكلام 13
7 229 - من كلام له عليه السلام، وقد ذكر عنده اختلاف الناس 18
8 230 - من كلام له عليه السلام قاله وهو يلي غسل رسول الله وتجهيزه 27
9 ذكر طرف من سيرة النبي عليه السلام عند موته 27
10 231 - من خطبة له عليه السلام في تمجيد الله وتوحيده، وذكر رسالة محمد عليه السلام، ثم استطرد إلى عجيب خلق الله لأصناف الحيوان 44
11 من أشعار الشارح في المناجاة 50
12 فصل في ذكر أحوال الذرة وعجائب النملة 57
13 ذكر غرائب أحوال الجرادة وما احتوت عليه من صنوف الصنعة 67
14 232 - من خطبة له عليه السلام في التوحيد 69
15 233 - من خطبة له عليه السلام تختص بالملاحم 95
16 234 - من خطبة له عليه السلام يوصى الناس فيها بالتقوى ويذكرهم الموت ويحذرهم الغفلة 99
17 235 - من كلام له عليه السلام في الإيمان 101
18 قصة وقعت لأحد الوعاظ ببغداد 107
19 236 - من خطبة له عليه السلام في الحث على التقوى ويذكر الناس بأمر الآخرة 110
20 237 - من خطبة له عليه السلام في حمد الله وتمجيده والتزهيد في الدنيا والترغيب في الآخرة 115
21 238 - من خطبة له عليه السلام، وهي التي تسمى الخطبة القاصعة، وتتضمن ذم إبليس، ويحذر الناس من سلوك طريقته 127
22 فصل في ذكر الأسباب التي دعت العرب إلى وأد البنات 174
23 ذكر ما كان من صلة علي برسول الله في صغره 198
24 ذكر حال رسول الله في نشوئه 201
25 القول في إسلام أبي بكر وعلي وخصائص كل منه 215
26 239 - من كلام له عليه السلام قاله لعبد الله بن، وقد جاء برسالة من عثمان وهو محصور 296
27 وصية العباس قبل موته لعلي 297
28 240 - من كلام له عليه السلام اقتص فيه ما كان منه بعد هجرة النبي صلى الله عليه وسلم ثم لحاقه به 303
29 241 - من خطبة له عليه السلام في الزهد 307
30 242 - من خطبة له عليه السلام في شأن الحكمين وذم أهل الشام 309
31 فصل في نسب أبي موسى والرأي فيه عند المعتزلة 313
32 243 - من خطبة له عليه السلام يذكر فيها آل محمد عليه السلام 317