ولكن العرق نبوض (1)، والرحم عروض، وإذا قضيت حق العمومة، فلا أبالي بعد إن هذا الرجل - يعنى عثمان - قد جاءني مرارا بحديثك، وناظرني ملاينا ومخاشنا في امرك، ولم أجد عليك الا مثل ما أجد منك عليه، ولا رأيت منه لك الا مثل ما أجد منك له، ولست تؤتى من قلة علم، ولكن من قلة قبول، ومع هذا كله فالرأي الذي أودعك به أن تمسك عنه لسانك ويدك، وهمزك وغمزك، فإنه لا يبدؤك ما لم تبدأه، ولا يجيبك عما لم يبلغه، وأنت المتجني وهو المتأني، وأنت العائب وهو الصامت. فان قلت كيف هذا وقد جلس مجلسا انا به أحق، فقد قاربت ولكن ذاك بما كسبت يداك، ونكص عنه عقباك، لأنك بالأمس الأدنى، هرولت إليهم تظن انهم يحلون جيدك، ويختمون إصبعك، ويطأون عقبك، ويرون الرشد بك، ويقولون لا بد لنا منك، ولا معدل لنا عنك، وكان هذا من هفواتك الكبر، وهناتك التي ليس لك منها عذر، والآن بعد ما ثللت عرشك بيدك، ونبذت رأي عمك في البيداء يتدهده (2) في السافياء (3)، خذ بأحزم مما يتوضح به وجه الامر لا تشار (4) هذا الرجل ولا تماره (5)، ولا يبلغنه عنك ما يحنقه عليك، فإنه إن كاشفك أصاب أنصارا، وإن كاشفته لم تر الا ضرارا، ولم تستلج (6) الا عثارا، واعرف من هو بالشام له، ومن هاهنا حوله من يطيع امره، ويمتثل قوله، لا تغتر بالناس يطيفون بك، ويدعون الحنو عليك والحب لك، فإنهم بين مولى جاهل، وصاحب متمن، وجليس يرعى العين ويبتدر المحضر، ولو ظن الناس بك ما تظن بنفسك لكان الامر لك، والزمام في يدك، ولكن هذا حديث يوم مرض رسول الله صلى الله عليه وآله فات، ثم حرم الكلام فيه حين مات، فعليك الان بالعزوف عن شئ عرضك
(٢٩٨)