شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ١٣ - الصفحة ٢٩٩
له رسول الله صلى الله عليه وآله، فلم يتم، وتصديت له مرة بعد مرة فلم يستقم، ومن ساور الدهر غلب، ومن حرص على ممنوع تعب، فعلى ذلك فقد أوصيت عبد الله بطاعتك، وبعثته على متابعتك، وأوجرته محبتك، ووجدت عنده من ذلك ظني به لك، لا توتر قوسك الا بعد الثقة بها، وإذا أعجبتك فانظر إلى سيتها، ثم لا تفوق الا بعد العلم ولا تغرق في النزع الا لتصيب الرمية، وانظر لا تطرف يمينك عينك، ولا تجن شمالك شينك، ودعني بآيات من آخر سورة الكهف، وقم إذا بدا لك.
قلت الناس يستحسنون رأي العباس لعلى عليه السلام في الا يدخل في أصحاب الشورى واما انا فإني استحسنه إن قصد به معنى، ولا استحسنه إن قصد به معنى آخر، وذلك لأنه إن أجري بهذا الرأي إلى ترفعه عليهم، وعلو قدره عن أن يكون مماثلا لهم، أو أجري به إلى زهده في الامارة، ورغبته عن الولاية، فكل هذا رأي حسن وصواب، وإن كان منزعه في ذلك إلى انك إن تركت الدخول معهم، وانفردت بنفسك في دارك، أو خرجت عن المدينة إلى بعض أموالك، فإنهم يطلبونك، ويضربون إليك آباط الإبل، حتى يولوك الخلافة، وهذا هو الظاهر من كلامه، فليس هذا الرأي عندي بمستحسن، لأنه لو فعل ذلك لولوا عثمان أو واحدا منهم غيره، ولم يكن عندهم من الرغبة فيه عليه السلام ما يبعثهم على طلبه، بل كان تأخره عنهم قرة أعينهم، وواقعا بإيثارهم، فان قريشا كلها كانت تبغضه أشد البغض، ولو عمر عمر نوح، وتوصل إلى الخلافة بجميع أنواع التوصل، كالزهد فيها تارة، والمناشدة بفضائله تارة، وبما فعله في ابتداء الامر من اخراج زوجته وأطفاله ليلا إلى بيوت الأنصار، وبما اعتمده إذ ذاك من تخلفه في بيته، واظهار انه قد انعكف على جمع القرآن، وبسائر أنواع الحيل فيها، لم تحصل له الا بتجريد السيف، كما فعل في آخر الامر، ولست ألوم العرب، لا سيما قريشا في بغضها له، وانحرافها عنه، فإنه وترها، وسفك دماءها، وكشف القناع في منابذتها، ونفوس العرب وأكبادهم كما تعلم،
(٢٩٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 294 295 296 297 298 299 300 301 302 303 304 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 224 - من كلام له عليه السلام في وصف بيعته بالخلافة 3
2 225 - من خطبة له عليه السلام يحث فيها على التقوى ويستطرد إلى وصف الزهاد 5
3 226 - من خطبة له عليه السلام كلم به عبد الله بن زمعة على إثر خلافته 9
4 227 - من كلام له عليه السلام كلم به عبد الله بن زمعة على إثر خلافته 10
5 228 - من كلام له عليه السلام في وصف اللسان، واستطرد إلى وصف زمانه 12
6 ذكر من أرتج عليهم أو حصروا عند الكلام 13
7 229 - من كلام له عليه السلام، وقد ذكر عنده اختلاف الناس 18
8 230 - من كلام له عليه السلام قاله وهو يلي غسل رسول الله وتجهيزه 27
9 ذكر طرف من سيرة النبي عليه السلام عند موته 27
10 231 - من خطبة له عليه السلام في تمجيد الله وتوحيده، وذكر رسالة محمد عليه السلام، ثم استطرد إلى عجيب خلق الله لأصناف الحيوان 44
11 من أشعار الشارح في المناجاة 50
12 فصل في ذكر أحوال الذرة وعجائب النملة 57
13 ذكر غرائب أحوال الجرادة وما احتوت عليه من صنوف الصنعة 67
14 232 - من خطبة له عليه السلام في التوحيد 69
15 233 - من خطبة له عليه السلام تختص بالملاحم 95
16 234 - من خطبة له عليه السلام يوصى الناس فيها بالتقوى ويذكرهم الموت ويحذرهم الغفلة 99
17 235 - من كلام له عليه السلام في الإيمان 101
18 قصة وقعت لأحد الوعاظ ببغداد 107
19 236 - من خطبة له عليه السلام في الحث على التقوى ويذكر الناس بأمر الآخرة 110
20 237 - من خطبة له عليه السلام في حمد الله وتمجيده والتزهيد في الدنيا والترغيب في الآخرة 115
21 238 - من خطبة له عليه السلام، وهي التي تسمى الخطبة القاصعة، وتتضمن ذم إبليس، ويحذر الناس من سلوك طريقته 127
22 فصل في ذكر الأسباب التي دعت العرب إلى وأد البنات 174
23 ذكر ما كان من صلة علي برسول الله في صغره 198
24 ذكر حال رسول الله في نشوئه 201
25 القول في إسلام أبي بكر وعلي وخصائص كل منه 215
26 239 - من كلام له عليه السلام قاله لعبد الله بن، وقد جاء برسالة من عثمان وهو محصور 296
27 وصية العباس قبل موته لعلي 297
28 240 - من كلام له عليه السلام اقتص فيه ما كان منه بعد هجرة النبي صلى الله عليه وسلم ثم لحاقه به 303
29 241 - من خطبة له عليه السلام في الزهد 307
30 242 - من خطبة له عليه السلام في شأن الحكمين وذم أهل الشام 309
31 فصل في نسب أبي موسى والرأي فيه عند المعتزلة 313
32 243 - من خطبة له عليه السلام يذكر فيها آل محمد عليه السلام 317