شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٤ - الصفحة ٨١
وعنه، عن محمد بن جعفر الكوفي، عن محمد بن عيسى مثله.
* الشرح:
(علي بن محمد، عن سهل بن زياد، عن محمد بن عيسى قال: كتبت إلى أبي الحسن علي بن محمد (عليه السلام) جعلني الله فداك يا سيدي قد روي لنا أن الله في موضع دون موضع) ليس المراد أنه يسير في ملكه وأنه في كل آن الله في موضع منه، بل المراد أنه في موضع مخصوص لشرف ذلك الموضع وعلوه كما يرشد إليه قوله: (على العرش استوى) فإنه بدل لقوله في موضع. والعرش محيط بجميع الأجسام مع ما يتعلق بها من النفوس العالية والسافلة والعقول المقدسة والأنوار المطهرة من أدناس عالم الطبيعة (وأنه ينزل كل ليلة في النصف الأخير من الليلة إلى السماء الدنيا) ليزداد قربه بالعالم السفلي لغرض من الأغراض.
(وروي أنه ينزل عشية عرفة) يعني إلى السماء الدنيا على الظاهر، ولعل المراد بعشية عرفة ما بعد الزوال إلى الغروب، ويحتمل أيضا وقت الغروب (ثم يرجع إلى موضعه) الأصلي وهو العرش.
(فقال بعض مواليك في ذلك) أي في إنكار ذلك المروي وتكذيبه (إذا كان في موضع دون موضع فقد يلاقيه الهواء ويتكنف عليه) تكنفه واكتنفه أي أحاط به ولعل التعدية بعلى لتضمين معنى الاحتواء (والهواء جسم رقيق) يتشكل بسهولة بشكل ظاهر ما يجاوره (يتكنف على كل شيء بقدره) أي بمقداره بلا زيادة ولا نقصان لاستحالة الخلأ والتداخل (فكيف يتكنف عليه جل ثناؤه على هذا المثال) الموجب لتحديده وتشبيهه بالخلق.
(فوقع (عليه السلام)) من غير تكذيب المروي بل مع الإشعار بتصديقه (علم ذلك عنده) (1) أي علم ذلك

1 - قوله: «علم ذلك عنده» ظاهره تصديق المنقول وأنه تعالى ينزل وأن الهواء يتكنف أي يحيط به لكن لا يعلم كيفية إحاطته به ومقدار ما يشغل الفضاء إلا هو وهو يقدر ذلك أحسن تقدير، وتأويل الشارح لا يخلو عن تكلف ، ويصعب حمل العبارة عليه وإن كان أقرب من الرد.
وأما صدر المتألهين (قدس سره) فأرجع هذا الكلام إلى قوله تعالى (على العرش استوى).
وقوله «هو المقدر له» أي الله هو الذي قدر العرش أحسن تقدير، والغرض الاستدلال به على أن خالق العرش ومقدره لا يكون حالا في العرش أو محمولا عليه ومحتاجا إليه، وهذا أقرب من تأويل الشارح. والمولى خليل القزويني اختار تأويل صدر المتألهين ودفع الاستبعاد باحتمال قريب وهو أن توقيع الإمام (عليه السلام) كان بين سطور السؤال بحيث كان أول قوله (عليه السلام) علم ذلك عنده تحت قول السائل مبتدأ من كلمة (الرحمن على العرش استوى) ومعنى علم ذلك عنده أي علم تفسير (الرحمن على العرش استوى) عنده، والضمير المجرور في قوله «وهو المقدر له» راجع إلى العرش لكونه مكتوبا تحت كلمة العرش وهو حسن جدا، ولولا هذا الاحتمال لقلنا بسهو الراوي وخطائه في نقل مكتوب الإمام (عليه السلام) وعدم فهمه مراده، لكن في نسخة صدر المتألهين كان كلمة «يتكيف» بالياء لا بالنون، والصحيح النون. (ش)
(٨١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 76 77 78 79 80 81 82 83 84 85 86 ... » »»
الفهرست