(وبذلك وصف نفسه) كما قال (ليس كمثله شيء) وقال: (ولم يكن له كفوا أحد) إلى غير ذلك من الآيات الدالة على التنزيه والمباينة على الإطلاق (وهو بكل شيء محيط بالإشراف) لا بمقدار لتعاليه عنه، والمراد بالإشراف الاطلاع عليه على وجه الاستعلاء من قولهم أشرفنا عليه إذا اطلعوا عليه من فوق (والإحاطة والقدرة) أي بإحاطة علمه وقدرته بجميع الأشياء.
(لا يعزب عنه مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض ولا أصغر من ذلك ولا أكبر بالإحاطة والعلم لا بالذات يعني أن عدم بعد شيء من الأشياء عنه باعتبار إحاطة علمه لا باعتبار حصول ذاته في مكان قريب من مكانه (لأن الأماكن محدودة (1) تحويها حدود أربعة، فإذا كان بالذات لزمها الحواية) ضمير التأنيث في لزمها للذات، وفي كتاب التوحيد للصدوق «لزمه» بتذكير الضمير، يعني إذا كان عدم بعد شيء عنه باعتبار حصول ذاته تعالى في مكان قريب منه لزم احتواء المكان عليه وكونه فيما يحيط به حدود أربعة كل حد مقابل لنظيره وأنه محال، فقد دل هذا الحديث على أن قوله تعالى (إلا هو رابعهم) ليس معناه أنه رابع الثلاثة بالعدد ومصيرها أربعة بضم الواحد العددي الذي هو هو إليها كما هو المعتبر في مرتبة الأعداد باعتبار التصيير; لتقدسه عن أن يكون واحدا عدديا مبدأ لمراتب الأعداد، معدودا من جملة آحاد العدد بل معناه أنه تعالى رابع كل ثلاثة بمعية العلم والإحاطة الواحدة بالنسبة إلى جميع الأشياء المغايرة للمعية الذاتية التي هي المعية المكانية والزمانية.
(في قوله الرحمن على العرش استوى) (2)