شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٤ - الصفحة ٨٦
هذا مثل ما مر إلا أنه ترك العاطف هنا يعني هذا الباب أيضا في تفسير هذه الآية.
* الأصل:
6 - علي بن محمد بن الحسن، عن سهل بن زياد، عن الحسن بن (موسى) الخشاب، عن بعض رجاله، عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه سئل عن قول الله عز وجل: (الرحمن على العرش استوى) فقال:
استوى على كل شيء، فليس شيء أقرب إليه من شيء.
* الشرح:
(علي بن محمد، ومحمد بن الحسن، عن سهل بن زياد، عن الحسن موسى الخشاب عن بعض رجاله، عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه سئل عن قول الله تعالى: الرحمن على العرش استوى فقال: استوى على كل شيء) أي استولى عليه بالقدرة والغلبة أو استوت نسبته إليه بالعلم والإحاطة، فإن الاستواء مشتمل على هذين المعنيين، فعلى الأول: ضمير «استوى» يعود إلى الرحمن والعرش، إما العلم أو الجسم المحيط بجميع الأشياء و «على» للاستعلاء، وكذا على الثاني مع احتمال عود الضمير إلى العرش إن أريد به العلم (فليس شيء أقرب إليه من شيء) (1) متفرع على السابق لضرورة أنه إذا تساوت نسبته إلى شيء بالعلم المحيط كان قرب كل شيء منه مثل قرب الآخر بلا تفاوت، وقد أول

1 - قوله: «فليس شيء أقرب إليه من شيء» لما ثبت تجرده تعالى عن الأحياز والأمكنة ثبت أن نسبته إلى الكل نسبة واحدة فالمراد «باستوى» استواء النسبة وصدر المتألهين (قدس سره) ذكر في شرح الحديث عشر حجج على نفي تجسيم الواجب مناسبة لأهل النظر ووجهين يناسبان أهل الحدس والذوق أحببت ايرادهما ملخصا الأول: كلما كان الكثافة الجسمية في شيء أقوى كان فاعليته ضعيفة، وكلما كان الجسمية - أعني الكثافة والثخانة - أقل وأضعف كانت الفاعلية أشد; مثلا: الأرض لكثافتها لا تفعل شيئا وفيها قوة الانفعال فقط، والماء أرق وأخف وهو أقوى تأثيرا بنفوذه، والهواء أرق من الماء، والنار أرق من الكل وهي قادرة على مزج العناصر مستولية قاهرة لها، والهواء يؤثر في الحياة أكثر من الماء، وإذا كان الأمر كذلك كان الخالق القاهر على الكل التام الفاعلية مطلقا مجردا عن الجسمية البتة.
الثاني: أن القوى كلما كانت أعرق في المادية وأشد تعلقا بالجسم كانت أخس وأدون كاللامسة الحالة في جميع البدن فضلا عن الطبايع العنصرية والمعدنية والقوى النباتية والحيوانية، وكلما كانت أبعد من التعلق بالجسم كانت أشرف كالباصرة المتعلقة بجزء صغير من العين وهو الجلدية، والعاقلة لا تعلق لها بالبدن فلا بد أن يكون الواجب القادر على كل شيء الكامل في جميع صفاته غير جسم وغير جسماني وهذه كلها مقتبسة من كلام الفخر الرازي في تفسيره بينها وحققها صدر المتألهين (قدس سره) وهذبها حتى لا يرد عليه بعض شبهات الأوهام. (ش)
(٨٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 81 82 83 84 85 86 87 88 89 90 91 ... » »»
الفهرست