شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٤ - الصفحة ٧٠
المنبر وقال: هكذا ينزل تمثيلا لنزوله تعالى - تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا - (فقال: إن الله لا ينزل) من مكان إلى مكان لتنزهه عن المكان; لأن افتقاره إلى المكان مستلزم للنقصان اللازم للإمكان (ولا يحتاج) في إمضاء ما أراد (إلى أن ينزل) دفع لما توهموه من احتياجه في إمضاء إرادته إلى تحصيل القرب المكاني من العباد وعلل عدم احتياجه إلى ذلك بقوله: (إنما منظره) أي مراقبته للأشياء بالعلم والإحاطة (في القرب والبعد سواء) (1) أي فيما يتصور فيه القرب والبعد بالنظر إلى عالم الحواس

1 - قوله: «إنما منظره في القرب والبعد سواء» أصل شبهة المجسمة والمشبهة أنهم لا يتعقلون وجود موجود مجرد غير متحيز نسبته إلى جميع الأمكنة نسبة واحدة، وأما أحاديث أهل البيت (عليهم السلام) فمبنية على كون الوجود المجرد أقوى في تأصل الوجود وأكمل في الصفات ولم يكن في عصرهم (عليهم السلام) بعد عقد اصطلاح التجرد في هذا المعنى لكنهم (عليهم السلام) ذكروا من خواص التجرد وصفات المجرد ما فهم منه أصحابهم معناه مثل قولهم هذا «ولم يبعد منه قريب ولم يقرب منه بعيد» وغير ذلك مما مضى وما سيأتي. وأما هؤلاء المجسمة لما لم يعقلوا معنى التجرد توهموا أن الله تعالى إن لم يكن على العرش بائنا من خلقه لزم كونه في كل مكان بمعنى الحلول والتحيز، وزعموا أنه عين قول الحلوليين ولزم منه امتزاجه بالقاذورات، ولا يفهمون من التنزيه إلا كونه فوق العرش مبائنا لخلقه ومحيطا لا مخالطا ولا محاطا. قال ابن تيمية فيما نقل القاسمي: إن الذين قالوا إنه في كل مكان هم أهل الحلول وهم يعبدون كل شيء، والذين قالوا: لا هو داخل العالم ولا خارج ولا مباين ولا حال فيه ولا فوق العالم ولا فيه ولا ينزل منه شيء ولا يصعد إليه شيء ولا يتقرب إليه بشيء ولا يدنو إليه شيء ولا يتجلى لشيء ولا يراه أحد ونحو ذلك فهم أهل نفي وجحود لا يعبدون شيئا، وهذا صريح في أنه لا يعترف بوجود شيء غير جسماني وأن ما ليس داخلا في العالم وإلا خارجا إلى آخره فهو ليس بموجود والقائل به منكر لوجود الحق، وفهم من الكلام الثاني معنى مناقضا للأول; لأن كونه في كل مكان يناقض عدم كونه في مكان أصلا لم يفهم أن جميع ذلك تعبير عن التجرد. (ش)
(٧٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 65 66 67 68 69 70 71 72 73 74 75 ... » »»
الفهرست