شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٤ - الصفحة ٢٣١
الكاملين الذين طهرهم الله عن درن تلك الهيئات وخبث تلك التعلقات حتى صارت نفوسهم كمرآة مجلوة حوذي بها شطر الحقايق الإ لهية فجلت وانتقشت فيها، فشاهدوا بعين اليقين سبيل النجاة والعرفان وسبيل الهلاك والخسران وما بينهما، فسلكوا على بصيرة وهدوا الناس على يقين، فمن تبعهم فله الشرف والكرامة، ومن تخلف عنهم فله الحسرة والندامة.
* الأصل:
10 - الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن محمد بن جمهور، عن علي بن الصلت، عن الحكم وإسماعيل ابني حبيب، عن بريد العجلي قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: بنا عبد الله وبنا عرف الله وبنا وحد الله تبارك وتعالى، ومحمد حجاب الله تبارك وتعالى.
* الشرح:
(الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن محمد بن جمهور، عن علي ابن الصلت، عن الحكم وإسماعيل (1) ابني حبيب، عن بريد العجلي قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: بنا عبد الله وبنا عرف الله وبنا وحد الله تبارك وتعالى) توضيح ذلك أن الله تعالى كان ولم يكن معه شيء، ثم خلق محمدا وأوصياءه الطاهرين (2) صلوات الله عليهم أجمعين وهم كانوا أرواحا نورانيين في ظلة خضراء

1 - قوله: «الحكم وإسماعيل ابني حبيب» قال صدر المتألهين: هما مجهولان غير مذكورين في كتب الرجال التي رأينا، انتهى. وظاهر أنهما لم يكن لهما كتاب معروف وإلا لذكرهما الشيخ والنجاشي وإنما أخذ الكليني هذا الحديث من كتاب بعض المقدمين عليهما في الأسناد مثل علي بن الصلت أو غيره. (ش) 2 - قوله: «كان ولم يكن معه شيء ثم خلق محمدا» قال الحكماء: أول ما صدر عن الواجب تعالى جوهر مجرد أي غير جسماني ولا متعلق بجسم وهو مدرك عاقل وسموه العقل الأول. أما عقلا فلكونه مدركا أما كونه أول فلأنه أول موجود صدر عن الواجب، وقد روى في أول الكتاب حديث فيه أيضا، ثم إن بعض العلماء كصدر المتألهين والعلامة المجلسي (رحمهما الله) حملوا العقل الأول على نور خاتم الأنبياء (عليهم السلام) بل العقول مطلقا على أرواح الأئمة (عليهم السلام) كما مر، لأن أرواحهم كانوا مدركين للكليات وهم أول ما صدر قبل الأجسام، فصح بحسب اللغة والاصطلاح إطلاق العقل على أرواحهم، وأما تقديم الروحانيات على الجسمانيات في الخلق فيجب أن يعد من الفطريات كالأربعة زوج، ولعله متفق عليه بين من يعترف بموجود مجرد روحاني، والقائل بتقدم الجسم على الروح والعقل كأنه من الماديين الملاحدة الذين يجعلون العقل والفكر من أحوال المزاجات.
وروى صدر المتألهين في معنى كلام الشارح حديثا عن الشيخ المفيد عن النبي (صلى الله عليه وآله): لما أسري به إلى السماء السابعة ثم أهبط إلى الأرض يقول لعلي بن أبي طالب: يا علي إن الله تبارك وتعالى كان ولا شيء معه فخلقني وخلقك روحين من نور جلاله فكنا أمام عرش رب العالمين نسبح الله ونحمده ونهلله وذلك قبل أن يخلق السماوات والأرضين فلما أراد الله أن يخلق آدم خلقني وإياك من طينة عليين.
ثم قال بعد نقل روايات في هذا المعنى: وجميع ذلك دال على أن للإنسان الكامل مرتبة في البداية تلو مرتبة الحق الأول وهي مرتبة العقول المفارقة والجواهر القدسية ينزل منها عند النزول من الحق إلى الخلق وهي بعينها مرتبته التي يرجع إليها عند الصعود من الخلق إلى الحق.
وقال قبل ذلك: هذا يوجب كون ذواتهم في مقام القرب متحدة مع العقل الأول.
إلى آخر ما قال: (ش)
(٢٣١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 226 227 228 229 230 231 232 233 234 235 236 ... » »»
الفهرست