خاصة والأمانة عامة، والوديعة بالعقد والأمانة أعم، فتنفرد فيما إذا هبت الريح بثوب إنسان وألقته في حجر غيره، وتقدم أنه يبرأ عن الضمان في الوديعة إذا عاد إلى الوفاق، والأمانة غيرها لا يبرأ عن الضمان بالوفاق ط. ومثله في النهاية والكفاية. قال يعقوب باشا: وفيه كلام، وهو أنه إذا اعتبر في إحداهما القصد وفي الأخرى عدمه كان بينهما تباين لا عموم وخصوص. والأولى أن يقال: والأمانة قد تكون بغير قصد كما لا يخفى انتهى. لكن يمكن الجواب بأن المراد. بقوله: (والأمانة ما يقع في يده من غير قصد كونها بلا اعتبار قصد)، لان عدم القصد معتبر فيها حتى يلزم التباين، بل هي أعم من الوديعة لأنها تكون بالقصد فقط والأمانة قد تكون بالقصد بغير تدبر.
وما في العناية من أنه قد ذكرنا أن الوديعة في الاصطلاح هي التسليط على الحفظ وذلك يكون بالعقد والأمانة أعم من ذلك فإنها قد تكون بغير عقد فيه كلام، وهو أن الأمانة مباينة للوديعة بهذا المعنى لا أنها أعم منها، لان التسليط على الحفظ فعل المودع وهو المعنى والأمانة عين من الأعيان فيكونان متباينين. والأول أن يقول: والوديعة ما تترك عند الأمين كما في هذا المختصر. داماد. قوله:
(والأداء عند الطلب) أي إلا في مسائل ستأتي: منها ما إذا كانت سيفا وأراد قتل آخر ظلما كما في الدر المنتقى. قوله: (واستحباب قبولها) قال الشمني: وشرعية الايداع. بقوله تعالى: * (إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها) * (النساء: 85) وأداء الأمانة لا يكون إلا بعدها، ولأن قبول الوديعة من باب الإعانة لان يحفظها لصاحبها، وهي مندوبة لقوله تعالى: * (وتعاونوا على البر والتقوى) * (المائدة: 2) وقوله صلى الله تعالى عنه وسلم: والله تعالى في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه ا ه. قال الزيلعي: وقال عليه الصلاة والسلام على اليد ما أخذت حتى تؤديه رواه أبو داود والترمذي وقال حديث حسن، وحفظها يوجب سعادة الدارين، والخيانة توجب الشقاء فيهما الخ. ومن محاسنها اشتمالها على بذل منافع بدنه وماله في إعانة عباد الله واستيجابه الاجر والثناء. حموي.
والحاصل: أنه يبتنى على الايداع أربعة أشياء: كون الوديعة أمانة، ووجوب الحفظ على المودع، ووجوب الأداء عند الطلب، واستحباب قبولها. قوله: (فلا تضمن بالهلاك) تفريع على كونها أمانة.
قوله: (إلا إذا كانت الوديعة بأجر) سيأتي أن الأجير المشترك لا يضمن وإن شرط عليه الضمان، وبه يفتى. وأيضا قول المصنف قريبا واشتراط الضمان على الأمين باطل به يفتى، فكيف يقال مع عدم الشرط أنه يضمن.
وفي البزازية: دفع إلى صاحب الحمام واستأجره وشرط عليه الضمان إذا تلف فذكر أنه لا أثر له فيما عليه الفتوى، لكن قال الخير الرملي: صرح الزيلعي في كتاب الإجارة في باب ضمان الأجير الوديعة إذا كانت بأجر تكون مضمونة، وسيأتي مثله في الشرح، ومثله في النهاية والكفاية شرح الهداية وكثير من الكتب ا ه. وعللوه بأن الحفظ حينئذ مستحق عليه كما قدمنا. فأفاد أن الأجرة تخرج الوديعة عن كونها أمانة إلى الضمان.
وفي صدر الشريعة: إذا سرق من الأجير المشترك والحال أنه لم يقصر في المحافظة يضمن عندهما، كما في الوديعة التي تكون بأجر فإن الحفظ مستحق عليه. وأبو حنيفة يقول: الأجرة في مقابلة العمل دون الحفظ فصار كالوديعة بلا أجر ا ه. فأفاد أن الوديعة بأجر مضمونة اتفاقا وبلا أجر غير مضمونة اتفاقا، وأما الأجير المشترك فيضمن عندهما، لان الأجرة في مقابلة العمل والحفظ، ولا