تسامح إذ المراد إثبات اليد بالفعل وبه عبر الزيلعي، ولا يكفي قبول الاثبات كما أشار إليه في الدرر.
بقوله: وحفظ شئ بدون إثبات اليد عليه محال ا ه. وجرى عليه بعضهم كالحموي والشرنبلالي.
وأجاب عنه العلامة أبو السعود بأنه ليس المراد من جعل القابلية شرطا عدم اشتراط إثبات اليد بالفعل، بل المراد الاحتراز عما لا يقبل ذلك بدليل التعليل والتفريع اللذين ذكرهما الشارح، فتدبر اه.
أقول: لكن الذي قدمه في الدرر يفيد كفاية قبول وضع اليد، فإن من وضع ثيابه بين يدي رجل ساكت كان إيداعا، وكذلك وضع الثياب في الحمام وربط الدابة في الخان من أنه ليس فيه إثبات اليد بالفعل. وقوله: وحفظ الشئ بدون إثبات اليد عليه معناه بدون إمكان إثباتها، فتأمل. وعليه فيكون المراد بقبولها إثبات اليد وقت الايداع والطائر ونحوه ساعة الايداع غير قابل لذلك. قوله: (لم يضمن) الأولى أن يقول: لا يصح لأنه إذا وجده بعد ووضع يده عليه وهلك من غير تعد لم يضمن فتدبر ط.
قال في الجوهرة: أودع صبيا وديعة فهلكت منه لا ضمان عليه بالاجماع، فإن استهلكها: إن كان مأذونا في التجارة ضمنها إجماعا، وإن كان محجورا عليه، إن قبضها بإذن وليه ضمن أيضا إجماعا، وإن قبضها بغير إذن وليه لا ضمان عليه عندهما لا في الحال ولا بعد الادراك. وقال أبو يوسف: يضمن في الحال، وإن أودعه عبدا فقتله ضمن إجماعا.
والفرق أن الصبي من عادته تضييع الأموال فإذا سلمه مع علمه بهذه العادة فكأنه رضي بالاتلاف فلم يكن له تضمينه، وليس كذلك القتل لأنه ليس من عادة الصبيان فيضمنه ويكون قيمته على عاقلته، وإن جنى عليه فيما دون النفس كان أرشه في مال الصبي ا ه.
قال العلامة الخير الرملي: أقول: يستثنى من إيداع الصبي ما إذا أودع صبي محجور مثله وهي ملك غيرهما فللمالك تضمين الدافع والاخذ. كذا في الفوائد الزينية.
وأجمعوا على أنه لو استهلك مال الغير من غير أن يكون عنده وديعة ضمن في الحال. كذا في العناية لأنه محجور عليه في الأقوال دون الافعال كما ذكر في الحجر، وسيأتي مزيد تفصيل في المسألة في كتاب الجنايات قبل القسامة فأسطر فراجعه إن شئت ا ه. قوله: (ولو عبدا محجورا ضمن بعد عتقه) أي لو بالغا، فلو قاصرا لا ضمان عليه أصلا. أبو السعود. وإنما لم يضمن في الحال لحق مالكه فإن المودع لما سلطه على الحفظ وقبله العبد حقيقة أو حكما كما لو كان ذلك بالتعاطي فكان من قبيل الأقوال، والعبد محجور عنها في حق سيده، فإذا عتق ظهر الضمان في حقه لتمام رأيه، وهذا إذا لم تكن الوديعة عبدا، فلو أودع صبيا عبدا فقتله الصبي ضمن عاقلته سواء قتله عمدا أو خطأ، لان عمده خطأ، وليس مسلطا على القتل من جانب المولى لان المولى لا يملك القتل فلا يملك التسليط عليه، فإن أودع العبد عند عبد محجور فقتله خطأ كان من قبيل الافعال وهو غير محجور عنها، ولم تكن من الأقوال لان مولى العبد لا يملك تفويض قتله للمودع، فكان على مولى العبد المودع القاتل أن يدفعه أو يفديه كما هو حكم الخطأ، وإن قتله عمدا قتل به إلا أن يعفو وليه. رحمتي. قوله: (وهي أمانة) هذا من قبيل حمل العام على الخاص وهو جائز كالانسان حيوان، ولا يجوز عكسه لان الوديعة عبارة عن كون الشئ أمانة باستحفاظ صاحبه عند غيره قصدا، والأمانة قد تكون من غير قصد، والوديعة