قلت: الأظهر عندي ما قاله الطرسوسي، لان تصرف الوصي إنما هو بالولاية النظرية ولا نظر للصبي في المضاربة في مال بأقل مما يفعله أمثال الوصي من الثقات، بل النظر فيه لجانب الوصي فإنه يحصل لنفسه ربحا به يتعذر حصوله بدون مال اليتيم مع الحيف على اليتيم وإن كان مصلحة من حيث إنه يحصل الربح في الجملة، اللهم إلا أن يقال: يكفي حصول المصلحة في الجملة وإن أمكن ما هو أولى منها ا ه. قال الشرنبلالي بعد نقل ما عن الطرسوسي: ونازعه المصنف وارتضى الشارح ذلك القيد نظرا للصغير بحثا منه انتهى.
أقول: ولا تنس ما قدمناه عن جامع الفصولين عن الملتقط. قوله: (وفيها) أي الوهبانية. قوله:
(مات المضارب الخ) وكذا المودع والمستعير وكل من كان المال في يده أمانة إذا مات قبل البيان ولا تعرف الأمانة بعينها فإنه يكون عليه دينا في تركته، لأنه صار بالتجهيل مستهلكا للوديعة: أي مثلا ولا يصدق ورثته على الهلاك والتسليم إلى رب المال، ولو عين الميت في حال الحياة أو علم ذلك يكون ذلك أمانة في يد وصيه أو وارثه كما كان في يده، ويصدقون على الهلاك والدفع إلى صاحبه كما يصدق الميت حال حياته انتهى. وسيأتي تمامه في الوديعة. قوله: (عاد دينا في تركته) أي لأنه صار بالتجهيل مستهلكا كما علمت، وأفتى به في الحامدية قائلا: وبه أفتى قارئ الهداية. قوله: (لكن صرح في مجمع الفتاوى) نقل في المنح عنه ما نصه: قال الشيخ الامام الاجل: وكان شيخنا يقول:
الجواب في زماننا بخلاف هذا، ولا ضمان على المضارب فيما يعطى من مال المضاربة لسلطان طمع فيه وقصد أخذه بطريق الغصب، وكذا الوصي إذا صانع في مال اليتيم لأنهما يقصدان الاصلاح بهذه المصانعة، فلو لم يفعل أخذ المصانع جميع المال فدفع البعض لاحراز ما بقي من جملة الحفظ في زماننا، والأمين فيما يرجع إلى الحفظ لا يكون ضامنا، أما في زمانهم فكانت القوة لسلاطين العدل. انتهى مختصرا.
ويؤخذ من هذا أنه إذا دفع من مال نفسه يكون متبرعا فيضيع عليه ما دفع إلا إذا أشهد عند الدفع أنه يرجع ويحرر. قال الرحمتي: لا يضمن في زماننا لغلبة أهل الظلم والرشوة إذا كانت لدفع الضرر عن نفسه وعن رب المال كانت جائزة للدافع مأذونا فيها عادة من المالك وإن حرمت على الآخذ انتهى. قوله: (لأنهما يقصدان الاصلاح) أي في هذه الرشوة فدفع البعض لاحراز ما بقي من جملة الحفظ والأمين فيما يرجع للحفظ لا يكون ضامنا، منح. قوله: (وسيجئ آخر الوديعة) ونصه: إذا هدد وخاف تلف نفسه أو عضوه أو خشي أخذ ماله كله فلا ضمان، وفيما سوى ذلك يضمن، فتأمل. وسيأتي الكلام على ذلك إن شاء الله تعالى. قوله: (وفيه لو شرى الخ) نقله في المنح بأبسط من هذا حيث قال: وفيه أيضا: إذا اشترى المضارب بالمال متاعا فقال المضارب أنا أمسكه حتى أجد ربحا كثيرا وأراد رب المال بيعه فهذا على وجهين: إما أن يكون في مال المضاربة فضل بأن كان رأس المال